ضواحي إفريقية ما بين قسطيلة والزاب والقيروان والمسيلة له ولقومه. ولما هلك يحيى بن غانية من العرب من بني سليم والرياح سنة إحدى وثلاثين وستمائة كما نذكره انقطع ملكهم، واستغلظ سلطان أبي حفص.
واستقل منهم الأمير يحيى بن عبد الواحد بخطبة الخلافة عند ما فسد كرسيها بمراكش، وافترق أتباع يحيى بن غانية من العرب من بني سليم والرياح، فنكره آل أبي حفص هؤلاء الزواودة، ومكانهم من الوطن مما سلف من عنادهم ومشايعتهم لابن غانية عدوّهم فجاجا الأمير ابو زكريا في بني سليم من مواطنهم لذلك العهد بقابس وطرابلس وما إليها. والتقدم فيهم يومئذ لمرداش والكعوب كما نذكره في أخبارهم، واصطنعوهم لمشايعة الدولة. وضربوا بينهم وبين قبائل رياح وأنزلوهم بالقيروان وبلاد قسطيلة، وكانت آية لمحمد بن مسعود ووفد عليه في بعض السنين وفد مرداس يطلبون المكيل وينزلون عليهم فشرهوا إلى نعمتهم وقاتلوهم عليها، وقتلوا رزق ابن سلطان عم محمد بن مسعود، فكانت بينهم وبين رياح أيام وحروب حتى رحلوهم جانب المشرق من إفريقية وأصاروهم إلى جانبها الغربي.
وملك الكعوب ومرداس من بني سليم ضواحي الجانب الشرقي كلها، من قابس إلى بونة نفطة وامتاز الزواودة بملك ضواحي قسنطينة وبجاية من التلول ومجالات الزاب وريغ وواركلا وما وراءها من القفار في بلاد القبلة. وهلك محمد بن مسعود فولي رياسته موسى بن محمد، وكان له صيت وغناء في قومه واعتزاز على الدولة.
(ولما هلك يحيى) بن عبد الواحد بويع ابنه محمد المستنصر الطائر الذكر المشهود له في الشهرة. وخرج عليه أخوه إبراهيم فلحق بالزواودة هؤلاء فبايعوه بجهات قسنطينة واتفقوا على تقديمه، ونهض إليه المستنصر سنة ست وستين وستمائة ففرّوا أمامه وافترق جمعهم وتحيّز إليه بنو عساكر بن سلطان منهم، ورياستهم يومئذ لولد مهدي بن عساكر. ونبذوا العهد إلى إبراهيم بن يحيى ولحقوا بتلمسان. وأجاز البحر إلى الأندلس، وأقام بها في جوار الشيخ ابن الأحمر.
ثم هلك موسى بن محمد وولي رياسته ابنه شبل بن موسى، واستطال على الدولة وكثر عيثهم، فنبذ المستنصر عهدهم، ونهض إليه بعساكره وجموعه من الموحدين والعرب من بني سليم وأولاد عساكر إخوانهم، وعلى مقدمته الشيخ أبو هلال عياد بن محمد الهنتاني وكان يومئذ أميرا ببجاية. وحاول عليهم فاستقدم رؤساؤهم شبل بن موسى بن