سلامة وكثيرا من بلاد توجين. وهلك أبو عريف بن يحيى، فاستقدمه من البدو، وأجلسه بمكان أبيه من مجلسه جوار أريكته، ولم يزل على ذلك. وعقد لأخيه عيسى على البدو من قومه، ثم بني عبد الواد بعد ملك السلطان أبي عنان عادت لهم الدولة بأبي حمو موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يحيى بن أبي يغمراسن من أعياص ملوكهم.
وتولى كبر ذلك صغير بن عامر وقومه لما لهم مع آل زيان من الولاية، وما كان لبني مرين فيهم من النعمات فملكوا تلمسان ونواحيها، وعقدوا على سويد لميمون بن سعيد ابن عثمان. وتاب وزمار بن عريف ورأى الترهب والخروج عن الرئاسة، فبنى حصنا بوادي ملوية من تخوم بني مرين ونزل به، وأقام هنالك لهذا العهد. وملوك بني مرين يرعون له ذمة اختصاصه سلفهم فيؤثرونه بالشورى والمداخلة في الأحوال الخاصة مع الملوك والرؤساء من سائر النواحي، فتوجهت إليه بسبب ذلك وجوه أهل الجهات من الملوك وشيوخ العرب ورؤساء الأقطار.
ولحق أخواه أبو بكر ومحمد بقومهم فمكروا بالميمون ودسوا عليه من قتله غيلة من ذويهم وحاشيتهم، واستبدوا برياسة البدو. ثم لما نصب بنو حصين بن زيان ابن عم السلطان أبي حمو للملك كما نذكره ورشحوه للمنازعة سنة سبع وستين وسبعمائة هبت من يومئذ ريح العرب وجاش مرجلهم على زناتة ووطئوا من تلول بلادهم بالمغرب الأوسط فأعجزوا عن حمايته، وولجوا من فروجها ما قصروا عن سده. ودبوا فيها دبيب الظلال في الفيوء، فتملكت زغبة سائر البلاد بالأقطاع من السلطان طوعا وكرها رعيا لخدمته، وترغيبا فيها وعدة وتمكينا لقوته حتى أفرجت لهم زناتة عن كثيرها، ولجئوا إلى سيف البحر.
وحصل كل منهم في الفلول على ما يلي موطنه من بلاد القفر. فاستولى بنو يزيد على بلاد حمزة وبني حسن كما كانوا من قبل، ومنعوا المغارم، واستولى بنو حسين على ضواحي المدينة أقطاعا والعطاف على نواحي مليمانة، والديالم على وزينة، وسويد على بلاد بني توجين كلها ما عدا جبل ونشريس لتوعره بقيت فيه لمة من توجين رياستهم لأولاد عمر بن عثمان من الجشم بني تيغرين كما نذكره، وبني عامر على تاسالة وميلانة إلى صيرور [١] إلى كيدزة الجبل المشرف على وهران.