سعيد عم أبي حمو كما نذكره في خبرهم جاش مرجل الفتنة من زغبة، واختلفوا على أبي حمو وتقبض على محمد بن عريف أمير سويد لاتهامه إياه بالادهان في أمره، فنزع أخوه أبو بكر وقومه إلى صاحب المغرب عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن سنة سبعين وسبعمائة وجاءوا في قومته واستولى على مواطنهم.
ولحق بنو عامر وأبو حمو بالصحراء، وطال ترددهم فيها وسعى عند أبي حمو في خالد من عمومته وأقاربه عبد الله بن عسكر بن معرف بن يعقوب، ومعرف هو أخو إبراهيم بن يعقوب، وكان عبد الله هذا بطانة للسلطان وعينا، فاستفسد بذلك قلب خالد وتغير ونبذ إليه عهده، ونزع عنه إلى السلطان عبد العزيز. وجاءت به عساكر بني مرين فأوقع بالسلطان أبي حمو ومن معه من العرب.
وهلك عبد العزيز سنة أربع وسبعين وسبعمائة فارتحل إلى المغرب هو وعبد الله ابن أخيه مقير، ولحقهم ساسي بن سليم بن داود شيخ بني يعقوب. كان قومه بني يعقوب قتلوا أبناء محمد بن عريف فحدثت بينهم فتنة، ولحق ساسي هذا وقومه بالمغرب، وصحب خالدا يؤمل به الكرة، ويئسوا من صريخ بني مرين لما بينهم من الفتنة، فرجعوا إلى أوطانهم سنة سبع وسبعين وسبعمائة وأضرموا نار الفتنة، وخرجت إليهم عساكر السلطان أبي حمو مع ابنه أبي تاشفين، وزحف معه سويد والديالم والعطاف فأوقعوا بهم على وادي مينا قبلة القلعة.
وقتل عبد الله بن مقير وأخوه ملوك في قرابة لهم آخرين، وسار فلهم شريدا إلى الصحراء ولحقوا بالديالم والعطاف، واجتمعوا جميعا إلى سالم بن إبراهيم كبير الثعالبة، وصاحب وطن تيجه [١] . وكان يتوجس لأبي حمو الخيفة فاتفقوا على الخلاف وبعثوا إلى الأمير أبي زيان بمكانه من وطن رياح فجاءهم وتابعوه، وأمكنه سالم من الجزائر. ثم هلك خالد في بعض تلك الأيام فافترق أمرهم، وولي علي بني عامر المسعود بن مقير، وزحف إليهم أبو حمو في سويد وأوليائه من بني عامر.
واستخدم سالم بن إبراهيم، وخرج أبو زيان إلى مكانه من وطن رياح، ولحق المسعود
[١] هي متيجة: بفتح أوله، وكسر ثانية وتشديده ثم ياء مثناة من تحت ثم جيم: بلد في أواخر إفريقية من أعمال بني حماد، قال البكري: الطريق من أشير الى جزائر بني مزغناي ومن أشير الى المدية، وهي بلد جليل قديم، ومنها الى اقزرنة، وهي مدينة على نهر كبير عليه الأرحاء والبساتين ويقال إنها متيجة. (معجم البلدان) قبائل المغرب ص ٩.