تلمسان ففرّ منها أبو حمو وصغير، ونزلوا عليهم فأوقعوا بعسكر بني مرين بنواحي تلمسان، واتسع الخرق بينهم وبين بني مرين فانحازوا إلى أبي حمو وسلطانه، وأقطعهم بضواحيه. ثم رجعوا إلى أوطانهم بعد مهلك السلطان أبي سالم أعوام ثلاث وستين [وسبعمائة] على حين اضطراب المغرب بفتنة أولاد السلطان أبي عليّ ونزولهم بسجلماسة، فكان لهم في ذلك الفتنة آثار إلى أن انقشعت.
ثم كان لأحمر بن رحو مع أبي حمو جولة وأجلب عليه بأبي زيان حافد أبي تاشفين فقتل في تلك الفتنة كما نذكره. ثم اعتدوا على الدولة من بعد ذلك وأكثر مغارم درعة لهذا العهد. وأقطع لهم ببلاد تادلا والمعرر [١] من تلك الثنايا التي منها دخولهم إلى المغرب للمربع والمصيف ولميرات الأقوات. وسجلماسة من مواطن إخوانهم الأحلاف كما نذكره، وليست من مواطنهم، فأما درعة فهي من بلاد القبلة موضوعة حفا في الوادي الأعظم المنحدر من جبل درن من فوهة يخرج منها وادي أم ربيع، ويتساهل إلى البسائط والتلول ووادي دريعة ينحدر إلى القبلة مغربا إلى أن يصب في الرمل ببلاد السوس، وعليه قصور درعة، وواد آخر كبير أيضا ينحدر إلى القبلة مشرقا بعض الشيء إلى أن يصب في الرمل دون تيكورارين وفي قبلتها.
وعليه من جهة المغرب قصور توات، ثم بعدها تمنطيت، ثم بعدها وركلان.
وعندها يصب في الرمل، وفي الشمال عن ركان قصور تسابيت. وفي الشمال عنها إلى الشرق قصور تيكورارين، والكل وراء عرب الرمل. وجبال درن هي الجبال العظيمة الجاثمة سياجا على المغرب الأقصى من آسفي إلى تازي، وفي قبلتها جبل نكيسة لصنهاجة، وآخره جبل ابن حميدي من طرف هسكورة. ثم ينعطف من هنالك جبال أخرى متوازية حتى تنتهي إلى ساحل بادس من البحر الرومي. وصار المغرب لذلك كالجزيرة أحاطت الجبال به من القبلة والشرق والبحر ومن المغرب والجوف. واعتمر هذه الجبال والبسائط التي بينها أمم من البربر لا يحصيهم إلا خالقهم، والمسالك بين هذه الجبال إلى المغرب منحصرة، ثم معدودة، وبإزاء القبائل المعتمرين لها كاظة. ومصب وادي درعة هذا إلى الصحراء والرمال ما بين سجلماسة وبلاد السوس، ويمتدّ إلى أن يصب في البحر ما بين نون ووادان، وحفافيه