ورياسة مرداس يومئذ في أولاد جامع، وبعده لابنه يوسف، وبعده هنان [١] بن جابر بن جامع، ورياسة علاق في الكعوب لأولاد شيخه ابن يعقوب بن كعب.
وكانت رياسة علاق عند دخولهم إفريقية لعهد هذا المعز وبنيه لرافع بن حماد، وعنده راية جدّه التي حضر بها مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو جدّ بني كعب فيما يزعمون. فاستظهر بهم السلطان على شأنه، وأنزلهم بساح القيروان، وأجزل لهم الصلات والعوائد وزاحموا الزواودة من رياح بمنكب بعد أن كانت لهم استطالة على جميع بلاد إفريقية. وكانت أبّة أقطاعا لمحمد بن مسعود بن سلطان أيام الشيخ أبي محمد بن أبي حفص، فأقبل إليه مرداس في بعض السنين عيرهم للكيل ونزلوا به، فرأوا نعمة الزواودة في تلولهم تلك، فشرهوا إليها وأجمعوا طلبها فحاربوهم فغلبوهم، وقتلوا رزق بن سلطان. واتصلت الفتنة. فلما حضرهم الأمير أبو زكريا صادف عندهم القبول لتحريضه فاعصوصبوا جميعا على فتنة الزواودة وتأهبوا لها.
وتكررت بينهم وبين رياح الحروب والوقائع حتى أزاحوهم عن إفريقية إلى مواطنهم لهذا العهد بتلول قسنطينة وبجاية إلى الزاب وما إليه. ثم وضعوا أوزار الحرب وأوطن كل حيث قسمت له قومه. وملك بنو عوف سائر ضواحي إفريقية وتغلبوا عليه، واصطنعهم السلطان وأثبتهم في ديوان العطاء. ولم يقطع شيئا من البلاد. واختص بالولاية منهم أولاد جامع وقومه فكانوا له خالصة، وتم تدبيره في غلب الزواودة ورياح في ضواحي إفريقية وإزعاجهم عنها إلى ضواحي الزاب وبجاية وقسنطينة، وطال بالدولة واختلف حالهم في الاستقامة معها والنفرة، وضرب السلطان بينهم ابن علاق فنشأت الفتنة وسخط عنان بن جابر شيخ مرداس من أولاد جامع مكانه من الدولة، فذهب مغاضبا عنها. وأقام بناجعته من مرداس ومن إليهم بنواحي المغرب في بلاد رياح من زاغر إلى ما يقاربها، وخاطبه أبو عبد الله بن أبي الحسن خالصة السلطان أبي زكريا صاحب إفريقية يومئذ يؤنبه على فعلته في مراجعة السلطان بقصيدة منها قوله وهي طويلة: