للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا وتزوج مادغيس بن بر وهو الأبتر باحال [١] بنت واطاس بن محمد بن مجدل بن عمار [٢] فولدت له زحيك بن مادغيس. وقال أبو عمر بن عبد البرّ في كتاب التمهيد في الأنساب: اختلف الناس في أنساب البربر اختلافا كثيرا. وأنسب ما قيل فيهم أنهم من ولد قبط بن حام، لما نزل مصر خرج ابنه يريد المغرب، فسكنوا عند آخر عمالة مصر، وذلك ما وراء برقة إلى البحر الأخضر، مع بحر الأندلس إلى منقطع الرمل متصلين بالسودان. فمنهم لواتة بأرض طرابلس، ونزل قوم بقربها وهم نفزة.

ثم امتدت بهم الطرق إلى القيروان وما وراءها إلى تاهرت إلى طنجة وسجلماسة إلى السوس الأقصى وهم طوائف صنهاجة وكتامة وزكالة وركلاوة وفطواكة من هسكورة ومزطاوة، وذكر بعض أهل الآثار أن الشيطان نزغ بين بني حام وبني سام، فوقعت بينهم مناوشات كانت الدبرة فيها لسام وبنيه، وخرج سام إلى المغرب، وقدم مصر وتفرق بنوه، ومضى على وجهه يؤم المغرب حتى بلغ السوس الأقصى، وخرج بنوه في إثره يطلبونه، فكل طائفة من ولده بلغت موضعا وانقطع عنهم خبره، فأقاموا بذلك الموضع وتناسلوا فيه، ووصلت إليهم طائفة فأقاموا معهم وتناسلوا هنالك.

وكان عمر حام أربعمائة وثلاثا وأربعين سنة فيما ذكره البكري. وقال آخرون: كان عمره خمسمائة وإحدى وثلاثين سنة. وقال السهيليّ فيمن هو يعرب بن قحطان.

قال: وهو الّذي أجلى سام إلى المغرب بعد ان كان الجرمي [٣] من ولد قوط بن يافث هذا آخر الخلاف في أنساب البربر.

وأعلم أن هذه المذاهب كلها مرجوحة وبعيدة من الصواب، فأما القول بأنهم من ولد إبراهيم فبعيد، لأن داود الّذي قتل جالوت وكان البربر معاصرين له ليس بينه وبين إسحاق بن إبراهيم أخي نعشان الّذي زعموا أنه أبو البربر إلا نحو عشرة آباء ذكرناهم أول الكتاب. ويبعد أن تشعب النسل فيهم مثل هذا التشعب، وأما القول بأنهم من ولد جالوت أو العماليق، وأنهم نقلوا من ديار الشام وانتقلوا، فقول ساقط، يكاد يكون من أحاديث خرافة، إذ مثل هذه الأمة المشتملة على أمم وعوالم ملأت جانب الأرض، لا تكون منتقلة من جانب آخر وقطر محصور. والبربر معروفون في


[١] وفي نسخة أخرى: أملل.
[٢] وفي النسخة التونسية: غمار.
[٣] الجزى هكذا أوردت في نسخة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>