للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة أيام. هذا آخر المغرب عندهم ويدخل فيه إقليم مصر وبرقة.

وكان المغرب عندهم جزيرة أحاطت بها البحار من ثلاث جهاتها كما تراه. وأما العرف الجاري لهذا العهد بين سكان هذه الأقاليم فلا يدخل فيه إقليم مصر ولا برقة، وإنما يختص بطرابلس وما وراءها إلى جهة المغرب في هذا العرف لهذا العهد. وهذا الّذي كان في القديم ديار البربر ومواطنهم. فأما المغرب الأقصى منه وهو ما بين وادي ملوية من جهة الشرق إلى أسفي حاضرة البحر المحيط وجبال درن من جهة الغرب فهي في الأغلب ديار المصامدة من أهل درن وبرغواطة وغمارة. وآخر غمارة بطوية مما يلي غساسة، ومعهم عوالم من صنهاجة ومضغره [١] وأوربة وغيرهم، يحيط به البحر الكبير من غربية، والرومي من شمالية، والجبال الصاعدة المتكاثفة مثل درن وجانب القبلة وجبال تازا من جهة الشرق، لأن الجبال أكثر: ما هي وأكنف قرب البحار بما اقتضاه التكوين من ممانعة البحار بها. فكانت جبال المغرب لذلك، أكثر ساكنها من المصامدة في الأغلب وقيل من صنهاجة. وبقيت البسائط من الغرب مثل أزغام وتامستا وتادلاود كالة. واعتمرها الظواعن من البربر الطارئين عليه من جشم ورياح مفص المغرب بساكنه من الأمم لا يحصيهم إلا خالقهم، وصار كله جزيرة وبلد واحد أحاطت به الجبال والبحار، وقاعدته لهذا العهد فاس، وهي دار ملكه، ويمر فيه النهر العظيم المعروف بوادي أم ربيع، وهو نهر عظيم يمتنع عبوره أيام الأمطار لاتساعه، ويعظم مدّه إلى البحر فينتهي إلى سبعين ميلا أو ما يقاربها، ومصبه في البحر الكبير عند أزبور. ومنبعه من جبال درن من فوهة كبيرة ينبع منها هذا النهر ويتساهل إلى بسيط المغرب. وينبع منها أيضا نهر آخر، وينحدر إلى القبلة. ويمر ببلاد درعة ذات النخل المخصوصة بنبات النيلج. وصناعة استخراجه، من شجره وهي قصور ذات نخل موضوعة في سفح جبل درن من آخره، وبها يسمى هذا النهر ويجاورها، الى أن يغوص في الرمل قبلة بلاد السوس.

وأما نهر ملوية آخر المغرب الأقصى فهو نهر عظيم منبعه من فوهة في جبال قبلة تازى، ويصب في البحر الرومي عند غساسة. وعليه كانت ديار مكناسة المعروفة بهم في


[١] وفي نسخة أخرى مطغرة: بطن من خريس ينتشر بتلمسان وفاس والصحراء بين تافيلات وتوات، وتكتب أيضا مضغرة ومدغرة. ومنها ميسرة المضغري الّذي أثار معركة طنجة عام ١٢٢ هـ/ ٧٣٨ م.
(الموسوعة الغربية معلمة الصحراء والملحق الأول/ ١٩٧- المعجم التاريخي/ ٦٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>