للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثين ألفا ظواعن ساكنين بالخيام. ولم يزل الملك في بني رستم هؤلاء بتاهرت وحازتهم جيرانهم من مغراوة وبني يفرن على الدخول في طاعة الأدارسة لما ملكوا تلمسان. وأخذت بها زناتة من لدن ثلاث وسبعين ومائة فامتنعوا عليهم سائر أيامهم، إلى أن كان استيلاء أبي عبد الله الشيعي على إفريقية والمغرب سنة ست وسبعين ومائة فغلبهم على مدينة تاهرت وابتزهم ملكهم بها.

وبثّ دعوة عبد الله في أقطار المغربين، فانقرض أمرهم بظهور هذه الدولة وعهد عروبة بن يوسف الكتامي فاتح المغرب للشيعة على تاهرت لأبي حميد دوّاس بن صولان الهيصيّ فغدا إلى المغرب سنة ثمان وتسعين ومائة فأمحى في مؤامرتها الاباضية من لماية وازداجة ولواتة ومكناسة ومطماطة، وحملهم على دين الرافضة وشيخ [١] بها دين الخارجية حتى استحكم في عقائدهم. ثم وليها أيام إسماعيل المنصور ابن صلاص بن حبوس [٢] . ثم نزع إلى دعوة الأموية وراء البحر، ولحق بالخير بن محمد بن خزر صاحب دعوتهم في زناتة. واستعمل المنصور بعده على تاهرت ميسورا الحصني [٣] مولاه وأحمد بن الزجالي من صنائعه، فزحف إليها حميد والخير وانهزم ميسور.

واقتحموا تاهرت عنده وتعصّبوا على أحمد الزجالي وميسور إلى أن أطلقوهما بعد حين.

ولم تزل تاهرت هذه بعد لأعمال الشيعة وصنهاجة سائر أيامهم، وتغلّب عليها زناتة مرارا ونازلها عسكر بني أمية راجعة في أثر زيري بن عطية أمير المغرب من مغراوة أيام أجاز المظفر بن أبي عامر من العدوة إلى حربه. ولم يزل الشأن هذا إلى أن انقرض أمر تلك الدول، وصار أمر المغرب الى لمتونة. ثم صار إلى دولة الموحدين من بعدهم، وملكوا المغربين. وخرج عليهم بنو غانية بناحية قابس، ولم يزل يجيء منهم جلب على ثغور الموحّدين وشنّ الغارات على بسائط إفريقية والمغرب الأوسط. وتكرر دخوله إليها عنوة مرّة بعد أخرى إلى أن احتمل سكانها وخلا جوّها وعفا رسمها لما يناهز عشرون من المائة السابعة، والأرض للَّه.

(وأما قبائل لماية) فانقرضوا وهلكوا بهلاك مصرهم الّذي اختطوه وحازوه وملكوه سنّة


[١] وفي نسخة أخرى: فسخ.
[٢] وفي نسخة أخرى: إسماعيل المنصور بصلاصن بن حبوس.
[٣] وفي نسخة أخرى: الخصيّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>