ثم نهض حميد إلى فاس ففرّ عنها أعزل بن موسى إلى ابنه، واستعمل عليها حامد بن حمدان كان في جملته وقفل حميد إلى إفريقية وقد دوّخ المغرب. ثم انتقض أهل المغرب على الشيعة بعد مهلك عبيد الله، وثار أحمد بن بكر بن عبد الرحمن بن سهل الجذامي على حامد بن حمدان فقتله، وبعث برأسه إلى ابن أبي العافية فأرسله إلى الناصر بقرطبة واستولى على المغرب. وزحف ميسور الخصي قائد أبي القاسم الشيعي إلى المغرب سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وخام ابن أبي العافية عن لقائه، واعتصم بحصن الكأي، ونهض ميسور إلى فاس فحاصرها واستنزل أحمد بن بكر عاملها. ثم تقبّض عليه وأشخصه إلى المهديّة، وبدر أهل فاس بغدره فامتنعوا وقدّموا على أنفسهم حسن بن قاسم اللواتي، وحاصرهم ميسور مدّة حتى رغبوا إلى السلم، واشترطوا على أنفسهم الطاعة والإتاوة فتقبّل ميسور ورضي، وأقرّ حسن بن قاسم على ولايته بفاس وانحل إلى حرب ابن أبي العافية فكانت بينهما حروب إلى أن غلبه ميسور فتقبّض على ابنه الغوري وغرّبه إلى المهدية. وأجلى موسى بن أبي العافية عن أعمال المغرب إلى نواحي ملوية ووطاط وما وراءها من بلاد الصحراء، وقفل إلى القيروان.
ولما مرّ بارشكول خرج إليه صاحبها ملاطفا له بالتحف، وهو إدريس بن إبراهيم من ولد سليمان بن عبد الله أخي إدريس الأكبر، فتقبّض عليه واصطلم نعمته، وولى مكانه أبا العيش بن عيسى منهم. وأغذّ السير إلى القيروان سنة أربع وعشرين وثلاثمائة ورجع موسى بن أبي العافية من الصحراء إلى أعماله بالمغرب، فملكها وولّى على الأندلس أبا يوسف بن محارب الأزدي، وهو الّذي مدّن عدوة الأندلس، وكانت حصونا. واحتلّ موسى بن أبي العافية قلعة كوماط، وخاطب الناصر فبعث إليه مددا من أسطوله، وزحف إلى تلمسان ففرّ عنها أبو العيش واعتصم بارشكول فنازله وغلبه عليها سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ولحق أبو العيش بنكور، واعتصم بالقلعة التي بناها هنالك لنفسه.
ثم زحف ابن أبي العافية إلى مدينة نكور فحاصرها مدّة، ثم تغلّب عليها وقتل صاحب عبد البديع بن صالح، وخرّب مدينتهم. ثم سرّح ابنه مدين في العساكر، فحاصر أبا العبّاس بالقلعة حتى عقد له السلم عليها. واستفحل أمر ابن أبي العافية في المغرب الأقصى واتصل عمله بعمل محمد بن خزر ملك مغراوة وصاحب المغرب الأوسط، وبثّوا دعوة الأموية في أعمالها، وبعث ابنه مدين بأمره في قومه. وعقد له