للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت مواطن الجمهور من هوّارة هؤلاء، ومن دخل في نسبهم من إخوانهم البرانس والصمغر [١] لأوّل الفتح بنواحي طرابلس وما يليها من برقة كما ذكره المسعودي والبكري. وكانوا ظواعن وآهلين، ومنهم من قطع الرمل إلى بلاد القفر وجاوزوا لمطة من قبائل الملثّمين فيما يلي بلاد كوكو من السودان تجاه إفريقية، ويعرفون بنسبهم هكّارة، قلبت العجمة واوه كافا أعجمية تخرج بين الكاف العربية والقاف. وكان لهم في الردّة وحروبها آثار ومقامات. ثم كان لهم في الخارجيّة والقيام بها ذكر، وخصوصا بالاباضية منها. وخرج على حنظلة منهم عبد الواحد بن يزيد مع عكاشة الفزاريّ فكانت بينهما وبين حنظلة حروب شديدة. ثم هزمهما وقتلهما وذلك سنة أربع وعشرين ومائة أيام هشام بن عبد الملك. وخرج على يزيد بن حاتم سنة ست وخمسين ومائة يحيى بن فوناس منهم، واجتمع إليه كثير من قومه وغيرهم.

وزحف إليه قائد طرابلس عبد الله بن السمط الكندي على شاطئ البحر بسواريه من سواحلهم، فانهزم وقتل عامة هوّارة. وكان منهم مع عبد الرحمن بن حبيب مجاهد ابن مسلم من قوّاده. ثم أجاز منهم إلى الأندلس مع طارق رجالات مذكورون واستقروا هنالك، وكان من خلفهم بنو عامر بن وهب أمير رندة أيام لمتونة، وبنو ذي النون الذين ملكوها من أيديهم، واستضافوا معها طليطلة وبنو رزين أصحاب السهلة. ثم ثارت هوارة من بعد ذلك على إبراهيم بن الأغلب سنة ست وتسعين ومائة، وحاصروا طرابلس وافتتحوها فخرّبوها. وتولى كبر ذلك منهم عياض بن وهب، وسرّح إبراهيم إليهم ابنه أبا العبّاس فهزمهم وقتلهم وبنى طرابلس.

وجأجأ هوّارة بعبد الوهاب بن رستم من مكان إمارتهم بتاهرت فجاءهم واجتمعوا إليه ومعهم قبائل نفوسة وحاصروا أبا العبّاس بن الأغلب بطرابلس إلى أن هلك أبوه إبراهيم بالقيروان، وقد عهد إليه فصالحهم على أن يكون الصحراء لهم. وانصرف عبد الوهاب إلى نفوسه. ثم أصبحوا بعد ذلك وغزوا مع الجيوش صقلّيّة، وشهد فتحها منهم زواوة بن نعم الحلفاء. ثم كان لهم مع أبي يزيد النكاري وفي حروبه مقامات مذكورة، اجتمعوا إليه من مواطنهم بجبل أوراس ومرماجنة لما غلب عليه، وأخذ أهلها بدعوته فاغاشوا إلى ولايته وفعلوا الأفاعيل. وكان من أظهرهم في تلك


[١] وفي النسخة التونسية: البتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>