للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان مبدأ أمره أنّ العزيز تغيّر عليه في حروب وقعت بينه وبين العرب نسب فيها إلى نفسه الإقدام، وإلى السلطان العجز، فخافه على نفسه، ولحق ببجاية فأكرمه شيخها محمود بن نزال الربغي [١] وآواه وترافع إلى محمود أهل ورغة من عمله، وكانوا فئتين مختلفتين من زاتيمة إحدى قبائل البربر، وهما أولاد مدين وأولاد لاحق. فبعث عليهم بروكس بن أبي علي لينظر في أحوالهم، وأقام معهم بالقلعة. ثم استجلب بعض الدعّار كانوا بناحيتها، وأنزلهم بالقلعة معهم واصطنعهم صاهر أولاد مدين وظاهرهم على أولاد لاحق، وأخرجهم من القلعة واستبدّ بها.

وقصدته الرجال من كل جانب إلى أن اجتمعت له خمسمائة فارس، وأثخن في نواحيه، وحارب بني الورد ببنزرت وابن علال بطبربة، وقتل محمد بن سبّاع أمير بني سعيد من رياح، وغصّت القلعة بالساكن فاتخذ لها ربضا، وجهّز إليه العزيز عسكره من بجاية فبارز قائد العسكر وفتك به واسمه غيلاس. وهلك بعد مدّة وقام بأمره ابنه منيع، ونازلة بنو سبّاع وسعيد طالبين بثأر أخيهما محمد. وتمادى به الحصار وضاقت أحواله فاقتحموا عليه القلعة، واستلحم هو وأهل بيته قتلا وسبيا والله مالك الأمور.

وكان أيضا بطبربة مدافع بن علال القيسيّ شيخ من شيوخها. فلما اضطربت إفريقية عند دخول العرب إليها امتنع بطبربة وحصّن قلعتها، واستبدّ بها في جملة من ولده وبني عمّه وجماعته إلى أن ثار عليه ابن بيزون اللخمي في البحرين على وادي مجردة. بإزاء الرياحين. وطالت بينهما الفتنة والحرب. وكان قهرون بن مخنوس [٢] بمنزل دحمون قد بنى حصنه وشيّده، وجمع إليه جيشا من أوباش القبائل، وذلك لما أخرجه أهل تونس بعد أن ولّاه العامّة عليهم. ثم صرفوه عن ولايتهم لسوء سيرته، فخرج من البلد ونزل دحمون، وبني حصنا بنفسه مع الحنايا وردّد الغارة على تونس، وعاث في جهاتها فرغبوا من محرز بن زياد أن يظاهرهم عليه ففعل.

وبلغ خبره ابن علّال صاحب طبرية فوصل ابن علّال يده بصهر منه، ونقله إلى بعض الحصون ببلده، وهي قلعة غنوش، وتظافروا على الإفساد. وخلفهما بنوهما من بعدهما إلى أن وصل عبد المؤمن إلى إفريقية سنة أربع وخمسين وخمسمائة فمحا آثار


[١] وفي النسخة التونسية: محمود بن يزال الربعي.
[٢] وفي نسخة ثانية: غنوش.

<<  <  ج: ص:  >  >>