للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلمسان وتاهرت. وحاربه بنو زيري عند خروجهم على باديس سني تسعين وثلاثمائة وهم زاوي وماكسن وإخوانهما فقتل ماكسن وابناه، وألجأ زاوي وإخوته إلى جبل شنون وأجازهم البحر إلى الأندلس. ثم أنّ بطانة باديس ومن إليه من الأعجام والقرابة نفسوا على حماد رتبته وسعوا في مكانه من باديس إلى أن فسد ذات بينهما. وطلب باديس ان يسلم عمل تيجست وقسنطينة لولد المعز لما قلّده الحاكم ولاية عهد ابنه، فأبى حمّاد وخالف دعوة باديس وقتل الرافضة وأظهر السنة، ورضي عن الشيخين ونبذ طاعة العبيديّين جملة، وراجع دعوة آل العباس وذلك سنة خمس وأربعمائة.

وزحف إلى باجة فدخلها بالسيف ودسّ إلى أهل تونس الثورة على المشارقة والرافضة فثاروا بهم فناصبه باديس الحرب، وعبى عساكره من القيروان، وخرج إليه فنزع عن حمّاد أكثر أصحابه مثل: بني أبي واليل أصحاب معرّة من زناتة، وبني حسن كبار صنهاجة، وبني يطوفت من زناتة، وبني غمرة أيضا منهم، وفرّ حماد، وملك باديس أشير. ولحق حماد بشلف بني واليل وباديس في اتّباعه حتى نزل مواطين [١] فحصر السرسّو من بلاد زناتة. ونزل إليه عطية بن داقلتن [٢] في قومه من بني توجين، لما كان حمّاد قتل أباه. وجاء على أثره ابن عمّه بدر بن لقمان بن المعتز فوصلهما باديس واستظهر بهما على حماد.

ثم أجاز إليه باديس من وادي شلف وناجزه الحرب، ونزع إليه عامّة أهل معسكره فانهزم وأغذ السير إلى القلعة، وباديس في أثره حتى نزل فحاصر المسيلة، وانحجر حمّاد في القلعة وحاصره. ثم هلك بمعسكره من ذلك الحصار فجأة بمضربه وهو نائم بين أصحابه ست وأربعمائة، فباعت صنهاجة لابنه المعزّ صبيا ابن ثمان سنين. وتلاقوا من أشير [٣] ، وبعثوا كرامة بن منصور لسدّها فلم يقدروا، واقتحمها عليه حمّاد.

واحتملوا باديس على أعواده إلى مدفنهم بالقيروان وبايعوا المعزّ بالبيعة العامة وزحف إلى حمّاد بناحية قفصة، وأشفق حمّاد فبعث ابنه القائد لإحكام الصلح بينه وبين المعز، فوصل إلى القيروان سنة ثمان وأربعمائة بهدية جليلة. وأمضى له المعز ما سأله من الصلح ورجع إلى أبيه.


[١] وفي النسخة الباريسية: بوادي الطين، وفي النسخة التونسية بوالطين وفي نسخة أخرى: مواطن.
[٢] وفي النسخة الباريسية: دافلتن، وفي النسخة التونسية: دافلين.
[٣] وفي نسخة أخرى: وتلافوا أمر أشير.

<<  <  ج: ص:  >  >>