للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلكّين بن محمد بن حمّاد صاحب القلعة إلى المغرب سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة لقتالهم، فارتحل أبو بكر إلى الصحراء، واستعمل على المغرب ابن عمّه يوسف بن تاشفين [١] ونزل له عن زوجه زينب بنت إسحاق ولحق بقومه. ورفع ما كان بينهم من خرق الفتنة، وفتح بابا من جهاد السودان، فاستولى على نحو تسعين رحلة من بلادهم.

وأقام يوسف بن تاشفين بأطراف المغرب، ونزل بلكّين صاحب القلعة فاس وأخذ رهنها على الطاعة، وانكفأ راجعا. فحينئذ سار يوسف بن تاشفين في عسكره من المرابطين ودوّخ أقطار المغرب. ثم رجع أبو بكر الى المغرب فوجد يوسف بن تاشفين قد استبدّ عليه. وأشارت عليه زينب أن يريه الاستبداد في أحواله وأن يعدّ له متاع الصحراء وما عونها، ففطن لذلك الأمير أبو بكر وتجافى عن المنازعة وسلّم له الأمر، ورجع إلى أرضه فهلك لمرجعه سنة ثمانين وأربعمائة.

واختطّ يوسف مدينة مرّاكش سنة أربع وخمسين وأربعمائة ونزلها بالخيام وأدار سورها على مسجد وقصبة صغيرة لاختزان أمواله وسلاحه، وكمل تشييدها وأسوارها علي [٢] ابنه من بعده سنة ست وعشرين وخمسمائة. وجعل يوسف مدينة مراكش لنزله ولعسكره وللتمرّس بقبائل المصامدة المصيفة بمواطنهم بها في جبل درن، فلم يكن في قبائل المغرب أشدّ منهم ولا أكثر جمعا. ثم صرف عزمه إلى مطالبة مغراوة وبني يفرن وقبائل زناتة بالمغرب، وجذب الخيل من أيديهم، وكشف ما نزل بالرعايا من جورهم وعسفهم فقد كانوا من ذلك على ألم (حدث المؤرّخون في أخبار مدينة فاس ودولتهم فيها بكثير منه) فنازل أولا قلعة فازاز وبها مهدي بن توالي من بني يحفش.

قال صاحب نظم الجواهر: وهم بطن من زناتة، وكان أبو توالي صاحب تلك القلعة ووليها هو من بعده، فنازله يوسف بن تاشفين. ثم استجاش به على فاس مهدي بن يوسف الكرنامي صاحب مكناسة بما كان عدوا لمعنصر المغراوي صاحب فاس،


[١] تحدث صاحب الأنيس المطرب ابن أبي زرع الفاسي عن حدود المملكة المرابطية فلاحظ ان يوسف بن تاشفين خطب له على ١٩٠٠ منبر وان ملكه امتدّ من أقصى شرق الأندلس الى اشبونة، ومن جزائر بني فراغة الى طنجة الى آخر السوس الأقصى الى جبل الذهب من بلاد السودان الأنيس المطرب ج ٢ ص ٣٧. (المعجم التاريخي/ ٦٤) .
[٢] ذكر لسان الدين الخطيب في كتابه الحلل الموشية في ذكر الاخبار المراكشية ص ٦٩: ان علي بن يوسف بن تاشفين هو أول من استعمل الروم بالمغرب. (المعجم التاريخي/ ٦٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>