للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بن محمد بن سليمان صاحبه. وأنزله مدينة نكور معه. وتوطأ الأمر لسعيد في تلك النواحي إلى أن خاطبه عبد الله المهدي يدعوه إلى أمره وفي أسفل كتابه لهم:

وإن تستقيموا أستقم بصلاحكم ... وإن تعدلوا عني أرى قتلكم عدلا

وأعلو بسيفي قاهرا لسيوفكم ... وأدخلها عفوا واملؤها قتلا

فكتب إليه شاعره الأحمس الطليطلي بأمر يوسف بن صالح أخي الأمير سعيد:

كذبت وبيت الله ما تحسن العدلا ... ولا علم الرحمن من قولك الفضلا

وما أنت إلّا جاهل ومنافق ... تمثّل للجهّال في السنّة المثلى

وهمّتنا العليا لدين محمّد ... وقد جعل الرحمن همّتك السفلى

فكتب عبد الله إلى مصالة بن حبّوس صاحب تاهرت، وأغزى إليه فغزاه سنة أربع وثلاثمائة لأربع وخمسين من دولته، فغلبهم سعيد وقومه أياما. ثم غلبهم مصالة وقتلهم، وبعث برءوسهم إلى رقادة، فطيف بها وركب بقيتهم البحر إلى مالقة، فتوسّع الناصر في إنزالهم إجارتهم واستبلغ في تكريمهم وأقام مصالة بمدينة نكور ستة أشهر. ثم قفل إلى تاهرت وولّى عليها دلول من كتامة، فانفضّ العسكر من حوله، وبلغ الخبر إلى بني سعيد بن صالح وقومهم بمالقة، وهمّ إدريس والمعتصم وصالح، فركبوا السفن إليها، وسبق صالح إليها منهم، فاجتمع البربر بمرسى تكسامان وبايعوه سنة خمس وثلاثمائة، ولقّبوه القيّم لصغره، وزحفوا إلى دلول فظفروا به وبمن معه وقتلوهم، وكتب صالح بالفتح إلى الناصر، وأقام دعوته بأعماله وبعث إليه الناصر بالهدايا والتحف والآلة، ووصل إليه إخوته وسائر قومه وأتوا طاعة.

ولم يزل على هدى أوّليه من الاقتداء إلى أن هلك سنة خمس عشرة وثلاثمائة وولي بعده ابنه عبد البديع، ولقّب المؤيد، وزحف إليه موسى بن أبي العافية القائم بدعوة العبيديين بالمغرب، فحاصره وتغلّب عليه فقتله، واستباح المدينة وخرّبها سنة سبع عشرة وثلاثمائة. ثم راجع إليها وقام بأمرهم أبو نور [١] إسماعيل بن عبد الملك بن عبد الرحمن بن سعيد بن إدريس بن صالح بن منصور وأعاد المدينة التي بناها صالح بن منصور وعمّرها وسكنها ثلاثا. ثم أغزى ميسور مولى أبي القاسم بن عبد الله صندلا مولاه عند ما أناخ على فاس، فبعث عسكرا مع صندل هذا فحاصر جراوة، ثم


[١] وفي نسخة أخرى: أبو أيوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>