راشد وبني ورا وسفيان، حتى إذا تراءى الفريقان للقاء، خالف كانون بن جرمون الموحّدين إلى أزمور. واستولى عليها ورجع السعيد أدراجه في أتباعه، ففرّ كانون واعترضه السعيد فأوقع به، واستلحم كثيرا من سفيان قومه، واستولى على ماله من مال وماشية، ولحق كانون في فلّ بني مرين ورجع السعيد إلى الحضرة. وفي ثلاث وأربعين وستمائة ثارت العامة بمكناسة على واليها من قبل السعيد فقتلوه. وحذر مشيختها من سطوته فحوّلوا الدعوة إلى الأمير أبي زكريا بن أبي حفص صاحب إفريقية، وبعثوا إليه ببيعتهم، وكانت من إنشاء أبي مطرف بن عميرة، وذلك بمداخلة أبي يحيى بن عبد الحق أمير بني مرين ووفاقه لهم على ذلك. وشارطوا أبا يحيى بن عبد الحق بمال دفعوه إليه على الحماية.
ثم راجعوا أمرهم [١] وأوفدوا صلحاءهم ببيعتهم فرضي عنهم السعيد ورضوا عنه، وفي هذه السنة بعث أهل إشبيليّة وأهل سبتة بطاعتهم للأمير أبي زكريا صاحب إفريقية.
وبعث ابن خلاص بهديته مع ابنه في أسطول أنشأه لذلك فغرق عند إقلاعه من المرسي. وفي سنة ست وأربعين كان استيلاء الطاغية على إشبيليّة لسبع وعشرين من رمضان ولمّا بلغ السيّد بيعة أهل إشبيليّة وسبتة للأمير أبي زكريا إلى ما كان من تغلّبه على تلمسان، وأخذ يغمراسن بدعوته، ثم ما كان من بيعة أهل مكناسة وأهل سجلماسة أعمل نظره في الحركة إلى تلمسان ثم إلى إفريقية. وخرج إلى مراكش في ذي الحجّة من سنة خمس وأربعين وستمائة ووافاه كانون بن جرمون فعاوده الطاعة واستحشد سفيان وجاء في جملة السعيد مع سائر القبائل من جشم.
ولمّا احتلّ السعيد بتازي وافاه وفد بني مرين عن أميرهم أبي يحيى بن عبد الحق، فأعطوه الطاعة وبعثوا معه عسكرا من قومهم مددا له.
ثم ثار السعيد إلى تلمسان فكان مهلكه بتامزردكت على يد بني عبد الواد في صفر سنة ست وأربعين وستمائة حسبما يشرح في أخبارهم. ويقال إنّ ذلك كان بمداخلة من الخلط فاستولوا على المحلة وقتلوا عدوّهم كانون، وانفضّ العسكر إلى المغرب وقد اجتمعوا الى عبد الله بن السعيد واعترضهم بنو مرين بجهات تازي، فقتلوا عبد الله بن السعيد ولحق الفلّ بمراكش فبايعوا المرتضى كما نذكر إن شاء الله تعالى.