للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراكش بعد أن عقد لأبي موسى بن عزوز على بلاد حاحة. وبلغه في طريقه عن عبد العزيز بن السعيد أنه حدّث نفسه بالملك، وانّ ابن بكيت وابن كلداسن داخلوه في ذلك. وساءل عن ذلك السيد أبا زيد بن السيّد أبي عمران خليفته، وأخبره بما سمع، وأمره بالقبض عليه وقتله، فأنفذ ذلك.

ثم ارتحل إلى السوس لتمهيده، وحسم علل ابن بدر فيه. وقدم يحيى بن وانودين لاستنفار قبائل السوس من كزولة ولمطة وكنفيسة وصناكة وغيرهم، وسار يتقرى المنازل ويستنفر القبائل، ومرّ بتارودنت فوجدها قفرا خلاء إلا قلائل من الدور بخارجها. ونزل على حميدي صهر علي بن بدر وقريبه بحصن تيسخت على وادي السوس، كان لصنهاجة فغلبهم عليه ابن بدر وملكه منازله أبو دبوس وحاصره أياما، وهزم فيها جموعه وداخل حميدي علي بن زكداز في إفراج أبي دبوس على سبعين ألف دينار يؤدّيها إليه، فأعجله الفتح عن ذلك ونجا بدمائه إلى بيته. وطولب بالمال، وبقي معتقلا عند ابن زكداز، وامتنع ابن بدر بحصنه. ثم أطاع ووصلت رسله بطاعته، فانصرف الواثق إلى حضرته ودخلها سنة خمس وستين وستمائة. وبلغه الخبر بانتقاض يعقوب بن عبد الحق وأنه زاحف إلى [١] فبعث بهديته إلى تلمسان صحبة أبي الحسن بن قطرال وابن أبي عثمان رسول يغمراسن، وخرج بهم من مراكش ابن أبي مديون السكاسني [٢] دليلا. وسلك بهم على القفر إلى سجلماسة، وبها يحيى بن يغمراسن، فبعثهم مع بعض المعقل إلى أبيه فألفوه بجهة مليانة، فأقام ابن قطرال بتلمسان ينتظره. وكان يعقوب بن عبد الحق لما بلغه ذلك نهض إلى مراكش بجيوش بني مرين وعسكر المغرب، ونزل بضواحي مراكش وأطاعه أهل النواحي ونهض إليه أبو دبوس في عساكر الموحّدين فاستجره يعقوب إلى وادي اغفو، ثم ناجزه الحرب فاختلّ مصافه وفرّ عسكره. وانهزم يريد مراكش، والقوم في اتباعه فأدرك وقتل. وبادر يعقوب بن عبد الحق فدخل مراكش في المحرّم فاتح سنة ثمان وستين وستمائة وفرّ بقية المشيخة من الموحّدين إلى معاقلهم بعد أن كانوا بايعوا عبد الواحد بن أبي دبوس، وسمّوه المعتصم مدة خمسة أيام وخرج في جملتهم، وانقرض أمر بني عبد المؤمن، والبقاء للَّه وحده.


[١] بياض بالأصل ولم نستطع تحديد البلد في المراجع التي بين أيدينا.
[٢] وفي النسخة الباريسية: المساكني وفي نسخة أخرى: الونكاسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>