للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قلت هذا ورسمته ليعلم من وقف على الخطبة التي اقتضبتها، والليلة التي فيها قرأتها، أنها من أفضل المطالب التي قصدت، وأن القرائن التي اجتمعت فيها ولها، زادت على الفضائل التي لأجلها رصدت، وأيضا تأخّر فيها مجد إمام عن إمام، وبعد مجد إمامه وراء إمام هو وراء الإمام، ورحمت فيها نفس خليفة عبرت وتلقّب وعظمت فيها ذات خليفة تحيي التي سلفت، فهذه نعمة بركة ينبغي أن يقرّر حدها ويتحقّق مجدها، ولا يقدر قدرها فإنّها ليلة قدر، ليلة قدرها.

والحمد للَّه حمدا وأصلا: بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ١: ١، وصلى الله على واحد الله في عنايته سيّدنا محمد طسم، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ٢٨: ١- ٢ إلى قوله مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ ٢٨: ٦ الحق الشاهد لنفسه المتفق من جميع جهاته، وفي سنّة الله التي لا تحول ولا تبدّل والمتعارف من عادته التي ربطها بحكمته التي تعدّل ولا تعدّل، أن لكل هداية نبويّة ضلالة فرعونيّة، وكذا الحال في الأولياء، ومع كل مصيبة فرج، ولا ينعكس الأمر في الأتقياء. ولكلّ ظلم ظالم متجبّر قهر قاهر متكبّر، وعند ظهور ظفر المبطل يظهر قصد المحق المفضل. وفي عقب كل فترة أو فيها كلمة قائم بحق يغلب لا يغلب، وفي كل دور أو قرن أمامة تطلب بشخصها ولا تطلب، وكواكب الكفر إذا طلعت على أفق الإيمان فيه نكب آفلة، وكلمة الله إذا عورضت تكر معارضتها قافلة. وإنما ذكرت ذلك بعد الذكر المحفوظ ليتذكّر بالآيات الظاهرة إلى الآيات القاهرة. وليعلم كل مؤمن أن كلمة الله متّصلة الاستصحاب والسبب، وعاملة في الأشياء مع الأزمان والحقب، وأن رجال الملّة الحنفية أعلى المنازل والرتب. ولذلك يقول في نوع فرعون الأذل، ونوع موسى الأجل: أشخاصها متعددة، وأكوانها متّحدة، والله غالب على أمره. وقد قيل إن الملّة الحنفيّة المضريّة تنصرها السيرة العمريّة المحمديّة المستنصريّة.

ولعلّ الّذي أقام الدين وأطلعه من المشرق وأتلفه منه، يجيره من المغرب ولا ينقله عنه، فينبغي لمن آمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسوله، وبما يجب كما يجب أن لا يتغير قصده ولا يتوقف عند سماع المهلكات حمده، قد قيّدت أقدام قوم بشرك الشرك، وحملهم الضجر إلى الهلك بطاعة الترك وكع [١] كيد الكنود هلك كنعان وكل بصر


[١] كذا، وفي ب: وكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>