للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تونس، ونزل بالربع الجوفي أيام السلطان أبي عصيدة، وانتقل ابناه أبو بكر ومحمد إلى قسنطينة ونزلا على ابن أوقيان العامل عليها من مشيخة الموحدين لعهد الأمير أبي زكريا الأوسط، فأوسعهما عناية وتكريما. وولّى أبا بكر على الديوان واستخلصه لنفسه. وكان يتردّد إلى الحضرة ببجاية في شئونه فاتصل بمرجان الخصيّ من موالي الأمير أبي زكريا وخواص داره، واستخدم على يد الأمير خالد وأمه من كرائم السلطان، فحظي عندهم وتزوّج ابنه يعقوب من بنات [١] القصر، وخوله، ونشأ في جوّ تلك العناية. وأعلقوا بصحبة الحاج فضل قهرمان دار السلطان وخاصته فاستخدم له سائر أيامه إلى أن هلك. وكان الحاج فضل كثيرا ما يتردّد إلى الأندلس لاستجلاب الثياب الحريرية من هنالك وانتقاء أصنافها. وكذلك إلى تونس لاستجادة الثياب منها. وبعثه السلطان آخر أمره إلى الأندلس فاستصحب ابن عمر وهلك الحاج فضل هنالك، فعدل السلطان عن خطاب ابنه محمد إلى خطاب ابن عمر، فأمره بإتمام ذلك العمل والقدوم به، فقدم هو وابن الحاج فضل وساء لهما السلطان عن عملهما، فكان ابن عمر أوعى من صاحبه فحلي بعينه وخفّ عليه، واعتلق بذمة من خدمته أحظته عند السلطان ورقته فاستعمل في الجباية. ثم قلّد أعمال الأشغال وزاحم ابن أبي حي وعبد الله الرخامي، وغصّوا به فأغروا السلطان بنكبته، فنكبه وأشخصه إلى الأندلس فأقام هنالك، واستعطف السلطان أبا البقاء بعد مهلك أبيه، وتشفّع بوسائل خدمته فاستقدمه. وقدم مع علي وحسين ابني الرنداحي، وركب معهما البحر إلى بجاية في مغيب ابن أبي حي عن الحضرة فصادف من السلطان قبولا، وشمّر في السعاية بابن أبي حي مع مرجان إلى أن تم له ما أراد من ذلك. وصرف ابن أبي حي كما ذكرناه، فقلّد السلطان حجابته ليعقوب بن عمر، وقدّم على الأشغال عبد الله الرخامي، وكان ناهضا في أمور الحجابة لمباشرتها مع مخدومه، فأصبح رديفا لابن عمر وغصّ بمكانه فأغرى به السلطان ودلّه على مكامن ثورته وعلى عداوته، فنكب وصودر وامتحن وغرّب إلى ميورقة، حتى افتداه يوسف بن يعقوب سلطان بني مرين من أسره، واستقدمه ليقلّده أشغاله عند تنكّره لعبد الله


[١] وفي نسخة أخرى: من ربيبات القصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>