للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شدخا بالعصي وجرّ شلوه فأحرق خارج الحضرة وعفا رسمه كأن لم يكن، وإلى الله عاقبة الأمور.

ولما تقبّض السلطان على ابن سيّد الناس ومحا أثر استبداده قلّد حجابته الكاتب أبا القاسم بن عبد العزيز، وقد كان قدم من الحج عند مبايعة ابن مكي لعبد الواحد بن اللحياني فلحق بالسلطان في طريقه إلى تيمرزدكت، فلم يزل معه إلى أن دخل حضرته، وتقبض على ابن سيّد الناس فولّاه الحجابة، وكان مضعّفا لا يقوم بالحرب، فعقد السلطان على الحرب والتدبير لصنيعته وكبير بطانته يومئذ محمد بن الحكيم وفوّض له فيما وراء الحضرة، وهو محمد بن علي بن محمد بن حمزة بن إبراهيم بن أحمد اللخمي، ونسبه في بني العز في الرؤساء بسبتة. وجدّه أحمد هو أبو العبّاس المذكور بالعلم والدين والرأي ابن القاسم [١] المستقل برياسة سبتة من بعد الموحدين، وكان من خبر أوّليته فيما حدّثني به محمد بن يحيى بن أبي طالب العزفي آخر رؤساء العزفيين بسبتة، والمنقضي أمرهم بها بانقضاء رياسته، وحدّثني أيضا بها حسين ابن عمه عبد الرحمن بن أبي طالب، وحدّثني بها أيضا الثقة عن إبراهيم ابن عمهما أبي حاتم قالوا جميعا: إنّ أبا القاسم العزفي كان له أخ يسمّى إبراهيم، وكان مسرفا على نفسه وأصاب دما في سبتة، وحلف أخوه أبو القاسم ليقتادنّ منه، ففرّ ولحق بديار المشرق. هذا آخر خبرهم. وأنّ محمدا هذا من بنيه. وبقية الخبر عن أهل هذا البيت من سراتهم أنّ إبراهيم أنجب محمدا، وأنجب محمد حمزة، ثم أنجب حمزة عليا فكلف بالقراءة واستظهر علم الطبّ في إيالة السلطان أبي بكر [٢] بالثغور الغربية وأصاب السلطان وجع في بعض أزمانه وأعياه دواؤه فجمع له الأطباء وكان فيهم عليّ هذا فحدس على المرض وأحسن المداواة، فوقع من السلطان أحسن المواقع واستخلصه لنفسه وخلطه بخاصته وأهل خلوته، وصار له من الدولة مكان لا يجاريه أحد فيه. وكان يدعى في الدولة بالحكيم وبه عرف ابنه من بعده، وأصهر إلى أحد بيوت قسنطينة فزوّجوه وخلط أهله بحرم السلطان. وولد له محمد ابنه بقصره، ورضع مع الأمير أبي بكر ابنه، ونشأ في حجر الدولة وكفالتها على أحسن الوجوه من


[١] وفي نسخة أخرى: والد أبي القاسم.
[٢] وفي نسخة أخرى: أبي زكريا.

<<  <  ج: ص:  >  >>