للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه في سائر شئونه فلما استوزره السلطان أبو الحسن لم يجره على مألوفه لما كان قائما على أمره وليس التفويض للوزراء من شأنه. وكان يظنّ أنّ السلطان أبا الحسن سيكل إليه أمر إفريقية وينصب معه الفضل للملك. وربما زعموا أنه عاهده على ذلك فكان في قلبه من الدولة مرض، وكان العرب يفاوضونه بذات صدورهم من الخلاف والإجلاب، فلما حصلوا على البغية من الظهور على السلطان أبي الحسن وعساكره وأحاطوا به في القيروان تحيّل ابن تافراكين في الخروج على السلطان لما تبين فيه من النكر منه ومن قومه. وبعث العرب في لقائه وأن يحملوه حديث بيعتهم إلى الطاعة فأذن له وخرج إليهم وقلّدوه حجابة سلطانهم، ثم سرّحوه إلى حصار القصبة. وكان عند رحيله من تونس خلف بها الكثير من أبنائه وجوه قومه. فلما كانت واقعة القيروان واتصل الخبر بتونس كانت لبناته هيعة خشي عليها عسكر السلطان على أنفسهم فلجأ من كان معهم من تونس إلى قصبتها، وأحاط بهم الغوغاء فامتنعت عليهم واتخذوا الآلة للحصار، وفرّقوا الأموال في الرجال، وعظم فيها غناء بشير من المعلوجين الموالي فطار له ذكر. وكان الأمير أبو سالم ابن السلطان أبي الحسن قد جاء من المغرب فوافاه الخبر دوين القيروان، فانفضّ معسكره ورجع إلى تونس فكان معهم بالقصبة.

ولمّا فرج عن [١] ابن تافراكين من هوّة الحصار بالقيروان طمعوا في الاستيلاء على قصبة تونس وفض ختامها، فدفعوه إلى ذلك. ثم لحق به سلطانه ابن أبي دبوس وعانى من ذلك ابن تافراكين صعبا لكثرة الرجل الذين كانوا بها، ونصب المجانيق عليها فلم يغن شيئا وهو أثناء ذلك يحاول النجاء بنفسه لاضطراب الأمور واختلال الرسوم إلى أن بلغه خلوص السلطان من القيروان إلى سوسة. وكان من خبره أنّ العرب بعد إيقاعهم بعساكره أحاطوا بالقيروان واشتدّوا في حصارها، وداخل السلطان وأولاد مهلهل من الكعوب وحكيما من بني سليم في الإفراج عنه، واشترط لهم على ذلك الأموال واختلف رأي العرب لذلك، ودخل عليه قتيبة [٢] بن حمزة بمكانه من القيروان زعما بالطاعة فتقبّله وأطلق أخويه خالدا وأحمد، ولم يثق إليهم.

ثم جاء إليه محمد بن طالب من أولاد مهلهل وخليفة ابن أبي زيد وأبو الهول بن


[١] وفي نسخة ثانية: ولمّا خرج.
[٢] وفي نسخة أخرى: فتيتة بن حمزة

<<  <  ج: ص:  >  >>