وبين أخيه خالد، وكاد شملهم أن يتصدّع. وبينما هم يجيشون نار الحرب ويجمعون الجموع والأحزاب إذ قدم كبيرهم عمر وأبو محمد عبد الله بن تافراكين من حجهم.
وكان ابن تافراكين لما احتل بالإسكندرية بعث السلطان فيه إلى أهل المشرق، وخاطبه ملوك مصر في التحكيم فيه فأجاره عليه الأمير المستبد على الدولة يومئذ بيقاروس. وخرج من مصر لقضاء فرضه، وخرج عمر بن حمزة لقضاء فرضه أيضا فاجتمعا في مشاهد الحاج آخر سنة خمسين وسبعمائة وتعاقدا على الرجوع إلى إفريقية والتظاهر على أمرهما وقفلا فألقيا خالدا وقتيبة على الصفين فأشار عمر بن داية فاجتمعا وتواقفا ومسح الإحن من صدورهما، وتواطئوا جميعا على المكر بالسلطان، وبعث إليه وليه قتيبة بالمراجعة فقبله واتفقوا على أن يقلّد حجابته أبا محمد ابن تافراكين صاحب أبيه وكبير دولته، ويديل به من ابن عتو فأبى.
ثم أصبحت ونزلت أحياؤهم ظاهر البلد واستحثّوا السلطان للخروج إليهم ليكملوا عقد ذلك ووقف بساحة البلد إلى أن أحاطوا به، ثم اقتادوه إلى بيوتهم وأذنوا لابن تافراكين في دخول البلد، فدخلها لإحدى عشرة من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة وعمد إلى دار المولى أبي إسحاق إبراهيم ابن مولانا السلطان أبي بكر فاستخرجه بعد أن بذل من العهد لأمّه والمواثيق ما رضيتها، وجاء به إلى القصر وأقعده على كرسي الخلافة وبايع له الناس خاصّة وعامّة وهو يومئذ غلام مناهز فانعقدت بيعته. ودخل بنو كعب فآتوه طاعتهم وسيق إليه أخوه الفضل ليلتئذ فاعتقل وغط من جوف الليل بمحبسه حتى فاض ولاذ حاجبه أبو القاسم بن عتو بالاختفاء في غيابات البلد وعثر عليه لليال فاعتقل وامتحن وهلك في امتحانه، وخوطب العمّال في الجهات بأخذ البيعة على من قبلهم فبعثوا بها واستقام ابن بهلول صاحب توزر على الطاعة وبعث بالجباية والهدية، واتبعه صاحب نفطة وصاحب قفصة وخالفهم ابن مكّي وذهب إلى الاجلاب على ابن تافراكين لما كان قد كفل السلطان وحجزه عن التصرّف في أمره واستبدّ عليه إلى أن كان من أمره ما نذكر إن شاء الله تعالى والله تعالى أعلم