للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيّد الناس ومشيخة البلد، واستقدموا العامل حواس [١] من بني مرين وهو يحيى بن عمر بن عبد المؤمن من بني ونكاس فبادر اليهم. وسرّح السلطان أبو عنّان إليها حاجبه أبا عبد الله محمد بن أبي عمر في الكتائب فدخلها فاتح أربع وخمسين وسبعمائة وذهبت صنهاجة في كل وجه ولحق كبارهم وذوو الفعلة منه بتونس، وتقبّض على هلال مولى ابن سيّد الناس لما داخلته فيه من الظنّة، وعلى القاضي محمد بن عمر لما كان شيعة لفارح، وعلى زعماء [٢] الغوغاء من أهل المدينة وأشخصهم معتقلين إلى المغرب. وصرف نظره إلى تمهيد الوطن واستدعى كبراء العرب وأهل النواحي من أعمال بجاية وقسنطينة.

ووفد عليه يوسف بن مزني صاحب الزاب ومشيخة الزواودة فاسترهن أبناءهم على الطاعة، وقفل بهم إلى المغرب. واستعمل أبو عنّان على بجاية موسى بن إبراهيم اليرنياني من طبقة الوزراء وبعثه إليها. ولما وفدوا على السلطان جلس جلوسا فخما، ووصلوا إليه ولقاهم تكرمة ومبرّة، وأوسعهم حباء واقطاعا وأنفذ لهم الصكوك والسجلات وأخذ على طاعتهم العهود والمواثيق والرهن وانقلبوا إلى أهلهم وعقد لحاجبه ابن أبي عمر وعلى بجاية وأعمالها وعلى حرب قسنطينة من ورائها، ورجّعه إليها فدخلها في رجب من سنته.

وأوعز السلطان إلى موسى بن إبراهيم بالولاية على سدويكش والنزول ببني ياورار في كتيبة جهّزها هنالك لمضايقة قسنطينة وجباية وطنها، وكل ذلك لنظر الحاجب ببجاية، وكان بقسنطينة أبو عمر تاشفين ابن السلطان أبي الحسن معتقلا من لدن واقعة بني مرين بها. وكان موسوسا في عقله معروفا بالجنون عند قومه. وكان الأمراء بقسنطينة قد أسنوا جرايته في اعتقاله وأولوه من المبرّة والكفاية كفاء نسبه [٣] . فلما زحف كتائب بني مرين إلى بني ياورار آخر عمل بجاية ودانوا قسنطينة ومن بها من الحروب والحصار، نصب المولى أبو زيد هذا الموسوس أبا عمر ليجأجئ به رجالات بني مرين أهل العسكر ببجاية وبني ياورار، وجهّز له الآلة، وتسامعوا بذلك ففزع إليهم الكثير منهم. وخرج نبيل حاجب الأمير أبي زيد إلى أهل صنهاجة من بونة


[١] وفي نسخة أخرى: بتولس.
[٢] وفي نسخة أخرى: عرفاء.
[٣] وفي نسخة أخرى: من المبرّة والحفاوة كفاء نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>