للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام والنّقباء. وأشربوا أقوال الشّيعة وتوغّلوا في الدّيانة بمذاهبهم، حتّى جعلوا مستند طريقهم في لبس الخرقة أنّ عليّا رضي الله عنه ألبسها الحسن البصريّ وأخذ عليه العهد بالتزام الطّريقة. واتّصل ذلك عنهم بالجنيد من شيوخهم. ولا يعلم هذا عن عليّ من وجه صحيح. ولم تكن هذه الطّريقة خاصّة بعليّ كرّم الله وجهه بل الصّحابة كلّهم أسوة في طريق الهدى وفي تخصيص هذا بعليّ دونهم رائحة من التّشيّع قويّة يفهم منها ومن غيرها من القوم دخلهم [١] في التّشيّع وانخراطهم في سلكه. وظهر منهم أيضا القول بالقطب وامتلأت كتب الإسماعيليّة من الرّافضة وكتب المتأخرين من المتصوّفة بمثل ذلك في الفاطميّ المنتظر. وكان بعضهم يمليه على بعض ويلقّنه بعضهم عن بعض وكأنّه مبنيّ على أصول واهية من الفريقين وربّما يستدلّ بعضهم بكلام المنجّمين في القرانات وهو من نوع الكلام في الملاحم ويأتي الكلام عليها في الباب الّذي يلي هذا. وأكثر من تكلّم من هؤلاء المتصوّفة المتأخّرين في شأن الفاطميّ، ابن العربيّ، الحاتميّ في كتاب (عنقاء مغرب) وابن قسيّ في كتاب (خلع النّعلين) وعبد الحقّ بن سبعين وابن أبي واصل [٢] تلميذه في شرحه لكتاب (خلع النّعلين) . وأكثر كلماتهم في شأنه ألغاز وأمثال وربّما يصرّحون في الأقلّ أو يصرّح مفسّرو كلامهم. وحاصل مذهبهم فيه على ما ذكر ابن أبي واصل أنّ النّبوة بها ظهر الحقّ والهدى بعد الضّلال والعمى وأنّها تعقبها الخلافة ثمّ يعقب الخلافة الملك ثمّ يعود تجبّرا وتكبّرا وباطلا.

قالوا: ولمّا كان في المعهود من سنّة الله رجوع الأمور إلى ما كانت وجب أن يحيا أمر النّبوة والحقّ بالولاية ثمّ بخلافتها ثمّ يعقبها الدّجل مكان الملك والتّسلّط ثمّ يعود الكفر بحاله. يشيرون بهذا لما وقع من شأن النّبوة والخلافة بعدها والملك بعد الخلافة. هذه ثلاث مراتب. وكذلك الولاية الّتي هي لهذا الفاطميّ والدّجل بعدها كناية عن خروج الدّجّال على أثره والكفر من بعد ذلك. فهي ثلاث


[١] وفي نسخة أخرى: يفهم منها ومن غيرها مما تقدم دخولهم.
[٢] وفي نسخة أخرى: ابن أبي واطيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>