المغرب غفلا من الولاية، واقتصر المنصور على ضبط سبتة ووكّل إلى ملوك زناتة دفاع صنهاجة وسائر أولياء الشيعة. وقام يبلو طاعنتهم إلى أن قام بالمغرب الحسن بن كنون من الأدارسة، بعثه العزيز نزار من مصر لاسترجاع ملكه بالمغرب، وأمدّه بلكين بعسكر من صنهاجة وهلك على تفيئة ذلك بلكّين، ودعا الحسن إلى أمره بالمغرب، وانضمّ إليه بدوي [١] بن يعلى بن محمد اليفرني وأخوه زيري وابن عمه أبو يداس فيمن إليهم من بني يفرن، فسرّح المنصور لحربه ابن عمّه أبا الحكم عمرو بن عبد الله بن أبي عامر الملقّب عسكلاجه، وبعثه بالعساكر والأموال فأجاز البحر وانحاش إليه ملوك آل خزر محمد بن الخير، ومقاتل وزيري ابنا عطية، وخزرون بن فلفول في جميع مغراوة، وظاهروه على شأنه.
وزحف بهم أبو الحكم بن أبي عامر إلى الحسن بن كنون حتى ألجئوه إلى الطاعة، وسأل الأمان على نفسه فعقد له عمرو بن أبي عامر ما رضيه من ذلك، وأمكن به من قياده، وأشخصه إلى الحضرة فكان من قتله وإخفار ذمّة أبي الحكم بن أبي عامر وقتله بعده ما تقدّم حسبما ذكرنا ذلك من قبل.
وكان مقاتل وزيري ابنا عطية من بين ملوك زناتة أشدّ الناس انحياشا للمنصور قياما بطاعة المروانية. وكان بدوي بن يعلى وقومه بنو يفرن منحرفين عن طاعتهم. ولما انصرف أبو الحكم بن أبي عامر من المغرب عقد المنصور عليه للوزير حسن بن أحمد ابن عبد الودود السلمي وأطلق يده في انتقاء الرجال والأموال فأنفذه إلى عمله سنة ست وسبعين وثلاثمائة وأوصاه بملوك مغراوة من زناتة، واستبلغ بمقاتل وزيري من بنيهم لحسن انحياشهم وطاعتهم، وأغراه ببدوي بن يعلى المضطرب الطاعة الشديد المراوغة، فنفذ لعمله ونزل بفاس، وضبط أعمال المغرب، واجتمعت إليه ملوك زناتة.
وهلك مقاتل بن عطية سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة واستقلّ برياسة الظواعن البدو من مغراوة إخوة زيري بن عطية، وحسنت مخاللته لابن عبد الودود صاحب المغرب وانحياشه بقومه إليه. واستدعاه المنصور من محله بفاس سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة إشادة بتكريمه وأغراه ببدوي بن يعلى بمنافسته في الحظ وإيثار الطاعة فبادر