للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبناءهما رهنا فعقد لهما واضح بذلك، واستقل وانودين بعد ذلك بملك سجلماسة منذ أول سنة تسعين وأربعمائة مقيما فيها للدعوة المروانية. ورجع المعز بن زيري إلى ولاية المغرب بعهد المظفّر بن أبي عامر سنة ست وتسعين وأربعمائة واستثنى عليه فيها أمر سجلماسة لمكان وانودين بها. ولما انتثر سلك الخلافة بقرطبة، وكان أمر الجماعة والطوائف واستبدّ أمراء الأمصار والثغور وولاة الأعمال بما في أيديهم، استبدّ وانودين هذا بأعمال سجلماسة وتغلّب على عمل درعة واستضافه إليه.

ونهض المعز بن زيري صاحب فاس سنة سبع وأربعمائة مع جموع من مغراوة يحاول انتزاع هذه الأعمال من يد وانودين، فبرز إليه في جموعه وهزمه، وكان ذلك سببا في اضطراب أمر المعز إلى أن هلك، واستفحل ملك وانودين واستولى على صبرون [١] من أعمال فاس وعلى جميع قصور ملوية، وولّى عليها من أهل بيته. ثم هلك وولي أمره من بعده ابنه مسعود بن وانودين، ولم أقف على تاريخ ولايته ومهلك أبيه.

(ولمّا) ظهر عبد الله بن ياسين واجتمع إليه المرابطون من لمتونة ومسوفة وسائر المتلثّمين، وافتتحوا أمرهم بغزو درعة سنة خمس وأربعين وأربعمائة فأغاروا على إبل كانت هناك في حمى لمسعود بن وانودين وقتل كما ذكرناه في أخبار لمتونة. ثم عاودوا الغزو إلى سجلماسة فدخلوها من العام المقبل مدخلوها، وقتلوا من كان بها من فلّ مغراوة. ثم تتبّعوا من بعد ذلك أعمال المغرب وبلاد سوس وجبال المصامدة، وافتتحوا صفروي سنة خمس وخمسين وأربعمائة وقتلوا من كان بها من أولاد وانودين وبقية مغراوة. ثم افتتحوا حصون ملوية سنة ثلاث وستين وأربعمائة وانقرض أمر بني وانودين كأن لم يكن، والبقاء للَّه وحده وكل شيء هالك إلّا وجهه، سبحانه وتعالى لا ربّ سواه، ولا معبود إلّا إيّاه، وهو على كل شيء قدير.


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة أخرى: صفروي

<<  <  ج: ص:  >  >>