سبب ذلك أنّ المعز بن باديس لأوّل ولايته استقدم محمد بن حسن من عمله، واستخلف عليه أخاه عبد الله بن حسن وقدم على المعز وفوّض اليه أمر [١] مملكته، وأقام على ذلك سبعا، وتمكّنت حاله عند السلطان، وكثرت السعاية فيه فنكبه وقتله، وبلغ الخبر إلى أخيه فانتقض كما قلناه، وأمكن خليفة بن وورّوا وقومه من مدينة طرابلس، فقتلوا الصنهاجيين واستولوا عليها. ونزل خليفة بقصر عبد الله وأخرجه عنه، واستصفى أمواله وحرمه. واتصل ملك خليفة بن وروّا وقومه بني خزرون بطرابلس. وخاطب الخليفة بالقاهرة الظاهر بن الحكم سنة سبع عشرة وأربعمائة بالطاعة وضمان السابلة وتشييع الرّفاق، ويحفظ عهده على طرابلس فأجابه إلى ذلك، وانتظم في عمله. وأوفد في هذه السنة أخاه حمّادا على المعزّ بهديته فتقبلها وكافأه عليها.
(هذا آخر ما حدّث به) ابن الرقيق من أخبارهم، ونقل ابن حمّاد وغيره أنّ المعزّ زحف أعوام ثلاثين وأربعمائة إلى زناتة بجهات طرابلس، فبرزوا إليه وهزموه. وقتلوا عبد الله بن حمّاد وسبوا أخته أم العلو بنت باديس، ومنّوا عليها بعد حين وأطلقوها إلى أخيها. ثم زحف إليهم ثانية فهزموه. ثم أتيحت له الكرّة عليهم فغلبهم وأذعنوا لسلطانه، واتّقوه بالمهادنة، فاستقام أمرهم على ذلك. وكان خزرون بن سعيد لما غلبه خليفة بن وروّا على إمارة زناتة لحق بمصر، فأقام فيها بدار الخلافة ونشأ بنوه بها، وكان منهم المنتصر بن خزرون وأخوه سعيد. ولما وقعت الفتنة بين الترك والمغاربة بمصر وغلبهم الترك وأجلوهم عنها، لحق المنتصر وسعيد بطرابلس وأقاما في نواحيها. ثم ولي سعيد أمر طرابلس ولم يزل واليا عليها إلى أن هلك سنة تسع وعشرين وأربعمائة، (وقال أبو محمد) التيجاني في رحلته عند ذكر طرابلس: ولما قتلت زغبة سعيد بن خزرون سنة تسع وعشرين وأربعمائة قدم خليفة بن خزرون من القيطون بقومه إلى ولايتها، فأمكنه منها رئيس الشورى وبها يومئذ من الفقهاء أبو الحسن بن المنتصر المشتهر بعلم الفرائض، وبايع له، وقام بها خزرون إلى سنة ثلاثين وأربعمائة بعدها فقام المنتصر بن خزرون في ربيع الأوّل منها، ومعه عساكر زناتة، ففرّ خزرون بن خليفة من طرابلس مختفيا، وملكها المنتصر بن خزرون، وأوقع بابن المنتصر ونفاه،