للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأثر في ذلك ثمّ نرجع إلى كلام المنجّمين. أمّا أهل الأثر فلهم في مدّة الملل وبقاء الدّنيا على ما وقع في كتاب السّهيليّ فإنّه نقل عن الطّبريّ ما يقتضي أنّ مدّة بقاء الدّنيا منذ الملّة خمسمائة سنة ونقض ذلك بظهور كذبه ومستند الطّبريّ في ذلك أنّه نقل عن ابن عبّاس أنّ الدّنيا جمعة من جمع الآخرة ولم يذكر لذلك دليلا.

وسرّه والله أعلم تقدير الدّنيا بأيّام خلق السّماوات والأرض وهي سبعة ثمّ اليوم بألف سنة لقوله: «وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ» ٢٢: ٤٧ وقد ثبت في الصّحيحين: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أجلكم في أجل من كان قبلكم من صلاة العصر إلى غروب الشّمس» وقال: «بعثت أنا والسّاعة كهاتين» وأشار بالسّبّابة والوسطى وقدّر ما بين صلاة العصر وغروب الشّمس حين صيرورة ظلّ كلّ شيء مثليه يكون على التّقريب نصف سبع، وكذلك وصل الوسطى على السّبّابة فتكون هذه المدّة نصف سبع الجمعة كلّها وهو خمسمائة سنة ويؤيّده قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لن يعجز الله أن يؤخّر هذه الأمّة نصف يوم» فدلّ ذلك على أنّ مدّة الدّنيا قبل الملّة خمسة آلاف وخمسمائة سنة وعن وهب بن منبّه أنّها خمسة آلاف وستّمائة سنة أعني الماضي وعن كعب أنّ مدّة الدّنيا كلّها ستّة آلاف سنة قال السّهيليّ: «وليس في الحديثين ما يشهد لشيء ممّا ذكره مع وقوع الوجود بخلافه» . فأمّا قوله: «لن يعجز الله ان يؤخّر هذه الأمّة نصف يوم» فلا يقتضي نفي الزّيادة على النّصف وأمّا قوله: «بعثت أنا والسّاعة كهاتين» فإنّما فيه الإشارة إلى القرب وأنّه ليس بينه وبين السّاعة نبيّ غيره ولا شرع غير شرعه ثمّ رجع السّهيليّ إلى تعيين أمد الملّة من مدرك آخر لو ساعده التّحقيق وهو أنّه جمع الحروف المقطّعة في أوائل السّور بعد حذف المكرّر قال وهي أربعة عشر حرفا يجمعها قولك (ألم يسطع نص حق كره) فأخذ عددها بحساب الجمّل فكان سبعمائة وثلاثة [١] أضافه إلى المنقضي من الألف الآخر قبل بعثته فهذه هي مدّة


[١] هذا العدد غير مطابق كما أن المترجم التركي لم يطابق في قوله ٩٣٠ وإنما المطابق للحروف المذكورة ٦٩٢

<<  <  ج: ص:  >  >>