للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لسلفهم، فنهض إليهم بعساكر بني عبد الواد رديف سلطانهم وأخوه أبو ثابت الزعيم ابن عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن، فأوطأ قومه بلاد مغراوة سنة اثنتين وخمسين وسبعمائة وفلّ جموعهم وغلبهم على الضاحية والأمصار. وأحجر عليّ بن راشد بتنس في شرذمة من قومه، وأناخ بعساكره عليه وطال الحصار ووقع الغلب ولما رأى علي بن رشد أن قد أحيط به دخل الى زاوية من زوايا قصره انتبذ فيها عن الناس وذبح نفسه بحدّ حسامه، وصار مثلا وحديثا للآخرين. واقتحم البلد لحينه، واستلحم من عثر عليه من مغراوة، ونجا الآخرون إلى أطراف الأرض، ولحقوا بأهل الدول فاستركبوا واستلحقوا وصاروا جندا للدول وحشما وأتباعا، وانقرض أمرهم من بلاد شلف.

ثم كانت لبني مرين الكرّة الثانية إلى تلمسان، وغلبوا آل زيّان ومحوا آثارهم. ثم فاء ظلّهم بملك السلطان أبي عنّان، وحسر تيارهم، وجدّد الناجمون من آل يغمراسن دولة ثانية بمكان عملهم على يد أبي حمّو الأخير ابن موسى بن يوسف كما نذكره في أخبارهم. ثم كانت لبني مرين الكرّة الثالثة إلى بلاد تلمسان، ونهض السلطان عبد العزيز ابن السلطان أبي الحسن إليها فدخلها فاتح سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة وسرّح عساكره في اتباع أبي حمو الناجم بها من آل يغمراسن حين فرّ أمامه في قومه وأشياعه من العرب كما يأتي ذلك كله. ولما انتهت العساكر إلى البطحاء تلوموا هنالك أياما لإزاحة عللهم. وكان في جملتهم صبيّ من ولد عليّ بن راشد الذبيح اسمه حمزة، ربّي يتيما في حجر دولتهم لذمام الصهر الّذي لقومه فيهم، فكفلته نعمهم وكنفه جوّهم، حتى شبّ واستوى وسخط رزقه في ديوانهم وحاله بين ولدانهم، واعترض بعض الأيام قائد الجيوش الوزير أبا بكر بن غازي شاكيا، فجبهه وأساء ردّه، فركب الليل ولحق بمعقل بني بو سعيد من بلاد شلف فأجاروه ومنعوه، ونادى بدعوة قومه فأجابوه، وسرّح إليه السلطان وزيره عبد العزيز عمر بن مسعود بن منديل بن حمامة كبير يتريعن [١] في جيش كثيف من بني مرين والجند فنزل بساحة ذلك الجبل حولا كريتا [٢] فحاصرهم ينال منهم وينالون منه، وامتنعوا عليه واتهم السلطان وزيره بالمداهنة، وسعى به منافسوه، فتقبّض عليه، وسرّ وزيره الآخر أبا بكر بن غازي، فنهض يجرّ العساكر الضخمة والجيوش الكثيفة إلى أن نزل


[١] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة ثانية: تيربيغين.
[٢] قال الجوهري: سنة كريت أي سنة تامة..

<<  <  ج: ص:  >  >>