للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجين، وهلك مرجعه منها، أنفذ [١] يغمراسن العهد لابنه محمد الأمير بعده، وزحف إلى بلاده فجاس خلالها، ونازل حصونها فامتنعت عليه. وأحسن محمد بن عبد القوي في دفاعه، ثم زحف ثانية سنة خمسين وستمائة إليهم فنازل حصن تافركينت من حصونهم. وكان به علي بن أبي زيّان حافد محمد بن عبد القوي فامتنع به في طائفة من قومه. ورحل يغمراسن كظيما، ولم يزل يغمراسن بعدها يثير الغارات على بلادهم، ويجمع الكتائب على حصونهم. وكان بتافركينت صنيعة من صنائع بني عبد القوي ونسبه في صنهاجة أهل ضاحية بجاية، اختصّ بهذا الحصن ورسخت قدمه فيه، واعتزّ بكثرة ماله وولده فأحسن الدفاع عنه، وكان له مع يغمراسن في الامتناع عليه أخبار مذكورة حتى سطا به بنو محمد بن عبد القوي حين شرهوا إلى نعمته، وأنفوا من استبداده فأتلفوا نفسه وتخطفوا نعمته، فكان حتف ذلك الحصن في حتفه كما يأتي ذكره.

(وعند) ما شبّت نار الفتنة بين يغمراسن ومحمد بن عبد القوي وصل محمد يده بيعقوب بن عبد الحق. فلمّا نازل يعقوب تلمسان سنة سبعين وستمائة بعد أن هدم وجدة، وهزم يغمراسن بايسلي، جاءه محمد بن عبد القوي بقومه من بني توجين، وأقام معه على حصارها ورحلوا بعد الامتناع عليهم، فرجع محمد إلى مكانه. ثم عاود يعقوب بن عبد الحق منازلة تلمسان سنة ثمانين وستمائة بعد إيقاعه بيغمراسن في خرزوزة، فلقيه محمد بن عبد القوي بالقصبات واتصلت أيديهم على تخريب بلاد يغمراسن مليا، ونازلوا تلمسان أياما ثم افترقوا ورجع كل إلى بلده.

(ولما) خلص يغمراسن بن زيّان من حصاره زحف إلى بلادهم وأوطأ عسكره أرضهم، فغلب على الضاحية وخرّب عمرانها إلى أن تملكها بعده ابنه عثمان كما نذكره.

(وأمّا) خبره مع مغراوة فكان عماد رأيه فيهم التغريب [٢] بين بني منديل بن عبد الرحمن للمنافسة التي كانت بينهم في رياسة قومهم. ولما رجع من واقعة تلاغ سنة ست وستين وستمائة وهي الواقعة التي هلك فيها ولده عمر زحف بعدها إلى بلاد مغراوة، فتوغّل فيها وتجاوزها إلى من وراءهم من مليكش والثعالبة، وأمكنه عمر


[١] وفي نسخة ثانية: فنبد.
[٢] وفي نسخة ثانية: التضريب.

<<  <  ج: ص:  >  >>