للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأغذّ إليه السير يعقوب بن علي وعثمان بن يوسف بمن معهم من جموع رياح حتى نزلوا بالقلعة حذاءهم. وبدر أولاد عريف وخالد بن عامر إلى الزواودة ليشرّدوهم عن البلاد قبل أن تتصل يد السلطان بيدهم، فصبحوهم يوم الخميس أخريات ذي القعدة من سنة تسع وستين وسبعمائة ودارت بينهم حرب شديدة، وأجفلت الزواودة أوّلا، ثم كان الظهور لهم آخرا. وقتل في المعركة من زغبة عدد، ويئسوا من صدّهم عما جاءوا إليه، فانعطفوا إلى حصين والأمير أبي زيّان، وصعدوا إليهم بناجعتهم، وصاروا لهم مددا على السلطان أبي حمّو، وشنّوا الغارة على معسكره، فصمدوا نحوه وصدقوه القتال، فاختلّ مصافه، وانهزمت عساكره، ونجا بنفسه إلى تلمسان على طريق الصحراء. وأجفل الزواودة إلى وطنهم، وتحيّز كافة العرب من زغبة إلى الأمير أبي زيان، واتبع آثار المنهزمين، ونزل بسيرات. وخرج السلطان أبو حمو في قومه ومن بقي معه من بني عامر. وتقدّم خالد إلى مصادمته ففلّه السلطان وأجفل القوم من ورائه. ثم تلطّف في مراسلته وبذل المال له وأوسع له في الاشتراط فنزع إليه والتبس بخدمته، ورجع الأمير أبو زيّان إلى أوليائه من حصين متمسّكا بولاية أولاد عريف.

ثم نزع محمد بن عريف إلى طاعة السلطان، وضمن له العدول بأخيه عن مذاهب الخلاف عليه، وطال سعيه في ذلك فاتهمه السلطان وحمله خالد بن عامر عدوّه على نكبته، فتقبّض عليه وأودعه السجن. واستحكمت نفرة أخيه أبي بكر، ونهض السلطان بقومه وكافة بني عامر إليه سنة سبعين وسبعمائة واستغلظ أمر أبي بكر فجمع الحرث بن أبي مالك ومن وراءهم من حصين، واعتصموا بالجبال من دراك وتيطري، ونزل السلطان بجموعه لعود بلاد الديالمة من الحرث، فانتسفها والتمعها وحطّم زروعها ونهب مداثرها. وامتنع عليه أبو بكر ومن معه من الحرث وحصين والأمير أبي زيان بينهم، فارتحل عنهم وعطف على بلاد أولاد عريف وقومهم من سويد فملأها عيثا، وخرّب قلعة ابن سلّامة لما كانت أحسن أوطانهم. ورجع عليهم إلى تلمسان وهو يرى ان كان قد شفا نفسه في أولاد عريف، وغلبهم على أوطانهم، ورجع عليهم منزلة عدوّهم، فكان من لحاق أبي بكر بالمغرب وحركة بني مرين ما نذكره

.

<<  <  ج: ص:  >  >>