اخوه سعد بالمغرب، وجاء في جملة السلطان يوسف بن يعقوب في غزوته التي حاصر فيها تلمسان حصاره الطويل، فرعى لسعد بن سلامة هجرته إليه وولّاه على بني يدللتن والقلعة. وفرّ أخوه محمد بن سلامة فلحق بجبل راشد وأقام هنالك الى أن هلك يوسف بن يعقوب ورجع أمر المغرب الأوسط لبني عبد الواد فوضعوا الإتاوة على بني توجين وأصاروهم الى الجباية. ولم يزل سعد على ولايته إلى أن هلك أبو حمو وولي تاشفين، فسخط سعدا وبعث عن أخيه محمد من جبل راشد، فولّاه مكانه.
ولحق سعد بالمغرب، وجاء في جملة السلطان أبي الحسن، ودخل أخوه محمد مع أبي تاشفين فانحصر بتلمسان، وولي سعد بن سلامة مكانه. ثم هلك محمد في بعض أيام الحصار وحروبه. ولما انقرض أمر بني عبد الواد رغب سعد من السلطان تخلية سبيله لقضاء فرضه، فحجّ وهلك مرجعه من الحج في طريقه. وعهد إلى السلطان أبي الحسن واستوصاه ببنيه على لسان وليّه عريف بن يحيى كبير بني سويد. فولّى السلطان أبو الحسن ابنه سليمان بن سعد على بني يدللتن والقلعة، وانتقض أمر السلطان أبي الحسن وعاد الأمر إلى أبي سعيد وأبي ثابت ابني عبد الرحمن بن يحيى بن يغمراسن، فكانت بينه وبينهم ولاية انحراف. وكان أولياؤهم من العرب بني سويد من زغبة لما كانوا جيرانهم في مواطنهم من ناحية القبلة، فطمع وترمار بن عريف شيخهم في التغلّب على وطن بني يدللتن، ومانعه دونه سليمان هذا، وبالغ في دفاعه إلى أن ملك السلطان أبو عنّان بلاد المغرب الأوسط، ورعى لوترمار وابنه عريف حق انحياشهم إليه وهجرتهم إلى قومه، فأقطع وترمار بن عريف القلعة وما إليها وجباية بني يدللتن أجمع. وألحق سليمان بن سعد بن سلامة في جنده ووجوه عسكره إلى أن هلك السلطان، وعاد الأمر لبني عبد الواد على يد أبي حمو الأخير، فولّي سليمان على القلعة وعلى قومه. واستغلظ أمر العرب عليه فاستراب سليمان هذا ونذر بالشرّ منه، فلحق بأولاد عريف، ثم راجع الطاعة فتقبّض عليه واغتاله، وذهب دمه هدرا. ثم غلبه العرب على عامّة المغرب الأوسط، وأقطع القلعة وبني يدللتن لأولاد عريف استئلافا لهم. ثم أقطعهم بني مادون ثم منداس، فأصبحت بطون بني توجين كلّها خولا لسويد وعبدا لجبايتهم إلّا جبل وانشريس فإنه لم يزل لبني تيغرين والوالي عليهم يوسف بن عمر منهم كما قلناه. ونظّم أبو حمو أولاد سلامة في جنده وأثبتهم في ديوانه وأقطعهم القصبات من نواحي تلمسان في عطائهم.