من عتاق الخيل مع ثياب من عمل الصوف، وبعث إليه ابن الأحمر صحبة ابن مروان التجاني كفء ذلك عشرة آلاف دينار، فلم يرض بالمال في هديته وردّه.
وأصفقت أيديهم جميعا على السلطان، ورأوا أن قد بلغوا في إحكام أمرهم وسدّ مذاهبه إليهم، واتصل الخبر بأمير المسلمين وهو بمراكش. كان صمد إليها مرجعه من الغزو في شهر المحرّم فاتح سبع وسبعين وستمائة لما كان من عيث العرب جشم بتامسنا وإفسادهم السابلة. فنقف أطرافها وحسم أدواءها. ولما بلغه خبر ابن محلى ومالقة ومنازلة الطاغية للجزيرة، نهض لثالثة من شوّال يريد طنجة. ولما انتهى إلى تامسنا، وافاه الخبر بنزول الطاغية على الجزيرة، وإحاطة عساكره بها سادس شوال، بعد أن كانت أساطيله منازلتها منذ ربيع، وأنه مشرف على التهامها. وبعثوا إليه يستعدونه فاعتزم على الرحيل.
ثم اتصل به الخبر بخروج مسعود بن كانون أمير سفيان من جشم ببلاد نفيس من المصامدة خامس ذي القعدة. وأنّ الناس اجتمعوا إليه من قومه وغيرهم. فكرّ إليه راجعا وقدم بين يديه حافده تاشفين بن أبي مالك، ووزيره يحيى حازم، وجاء على ساقتهم وفرّوا أمام جيوشه، وانتهب معسكرهم وحللهم، واستباح عرب الحرث ابن سفيان. ولحق مسعود بمعقل السكسيوي، ونازلة السلطان بعساكره أياما.
وسرّح ابنه الأمير أبا زيّان منديل إلى بلاد السوس لتمهيدها وتدويخ أقطارها، فأوغل في ديارها وقفل إلى أبيه خاتم سنته. واتصل بالسلطان ما نال أهل الجزيرة من ضيق الحصار وشدّة القتال وإعواز الأقوات، وأنهم قتلوا الأصاغر من أولادهم خشية عليهم من معرّة الكفر، فأهمه ذلك وأعمل النظر فيه، وعقد لولي عهده ابنه الأمير أبي يعقوب من مراكش على الغزو إليها. وأغزى الأساطيل في البحر إلى جهاد عدوهم، فوصل إلى طنجة لصفر من سنة ثمان وسبعين وستمائة وأوعز إلى البلاد البحرية لاعداد الأساطيل بسبتة وطنجة وسلا، وقسّم الأعطيات وتوفّرت همم المسلمين على الجهاد، وصدقت عزائمهم على الموت. وأبلى الفقيه أبو حاتم العزفي صاحب سبتة لما بلغه خطاب أمير المسلمين في ذلك البلاء الحسن، وقام فيه المقام المحمود. واستقرّ كافة أهل بلده فركبوا البحر أجمعين من المحتلم فما فوقه.
ورأى ابن الأحمر ما نزل بالمسلمين في الجزيرة، وإشراف الطاغية على أخذها، فندم في ممالأته ونبذ عهده، وأعدّ أساطيل سواحله من المنكب والمريّة ومالقة مددا