للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتفرد أبو عليّ بطائفة من النصارى المستخدمين بدولتهم، كان قائدهم يمتّ إليه بخؤولة، وضبط البلد مدّة مرضه حتى إذا أفاق وتبيّن اختلال أمره، بعث إلى أبيه في الصفح والرضى، وان ينزل له عما انتزى عليه من الأمر على أن يقطعه سجلماسة وما إليها، ويسوغه ما احتمل من المال والذخيرة من دراهم، فأجابه لذلك، وانعقد بينهما سنة خمس عشرة وسبعمائة وخرج الأمير أبو علي بخاصّته وحشمه، وعسكر بالزيتون من ظاهر البلد. وفي له السلطان بما اشترط وارتحل إلى سجلماسة، ودخل السلطان إلى البلد الجديد ونزل بقصره، وأصلح شئون ملكه، وأنزل ابنه الأمير أبا الحسن بالدار البيضاء من قصوره، وفوّض إليه في سلطانه تفويض الاستقلال. وأذن له في اتخاذ الوزراء والكتّاب، ووضع العلامة على كتبه وسائر ما كان لأخيه. ووفدت إليه بيعات الأمصار بالمغرب، ورجعوا إلى طاعته.

ونزل الأمير أبو علي بسجلماسة فأقام بها ملكا، ودوّن الدواوين، واستلحق واستركب، وفرض العطاء واستخدم ظواعن العرب من المعقل، وافتتح معاقل الصحراء وقصور تاورت [١] وتيكورارين وتمنطيت، وغزا بلاد السوس فافتتحها وتغلب على ضواحيها، وأثخن في أعرابها من ذوي حسّان والشبانات وزكنة، حتى استقاموا على طاعته.

وبيّت عبد الرحمن بن يدر أمير الأنصار بالسوس في تارودانت مقرّه، فافتتحها عليه عنوة وقتله، واصطلم نعمته وأباد سلطانه. وأقام لبني مرين في بلاد القبلة ملكا وسلطانا، وانتقض على السلطان سنة عشرين وسبعمائة وتغلّب على درعة، وسما إلى طلب مراكش، فعقد السلطان على حربه لأخيه الأمير أبي الحسن، وجعله إليه، وأغزاه ونهض على أثره، واعتلّ [٢] بمراكش، وثقف أطرافها وحسم عللها. وعقد عليها لكندوز بن عثمان من صنائع دولتهم، وقفل بعساكره إلى الحضرة. ثم نهض الأمير أبو علي سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة بجموعه من سلجماسة وأغذّ السير إلى مراكش، فاختلفت عساكره بها قبل أن يجتمع لكندوز أمره. فتقبّض عليه وضرب عنقه ورفعه على القناة وملك مراكش وسائر ضواحيها. وبلغ الخبر إلى السلطان، فخرج من حضرته في عساكره بعد أن احتشد. وأزاح العلل، واستوفى


[١] وفي النسخة المصرية: توات.
[٢] وفي النسخة المصرية: فاحتلوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>