للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فارس بن ميمون بن وردار. وعاد بجواب الكتاب وتقرير المودّة بين السلف. وأجمع السلطان على كتب نسخة عتيقة من المصحف الكريم بخط يده ليوقفها بالحرم الشريف قربة إلى الله تعالى، وابتغاء للمثوبة، فانتسخها وجمع الورّاقين لمعاناة تذهيبها وتنميقها، والقرّاء لضبطها وتهذيبها حتى اكتمل شأنها، وصنع لها وعاء مؤلفا من خشب الأبنوس والعاج والصندل فائق الصنعة وغشي بصفائح الذهب ونظم الجوهر والياقوت واتخذ له اصونه الجلد المحكمة الصنعة وغشّي بصفائح الذهب، ونظم بالجوهر والياقوت، واتخذت له أصونة الجلد المحكمة الصناعة، المرقوم أديمها بخطوط الذهب من فوقها غلاف الحرير والديباج وأغشية الكتّان. وأخرج من خزائنه أموالا عينها لشراء الضياع بالمشرق لتكون وقفا على القرّاء فيها، وأوفد على الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر والشام، خواص مجلسه وكبار أهل دولته، مثل عريف بن يحيى أمير زغبة، والسابق المقدّم في بساطه على كل خالصة عطيّة بن مهلهل بن يحيى كبير الخولة. وبعث كاتبه أبا الفضل بن محمد بن أبي مدين وعريف الوزعة ببابه وصاحب دولته عبو بن قاسم المزوار [١] ، واحتفل في الهدية للمزوار للسلطان صاحب مصر احتفالا تحدّث الناس به دهرا. ووقفت على برنامج الهدية بخط أبي الفضل بن أبي مدين هذا الرسول ووعيته وأنسيته وذكر لي بعض قهارمة الدار أنه كان فيها خمسمائة من عتاق الخيل المقرّبات، بسروج الذهب والفضة ولجمها، خالصا ومغشي ومموها، وخمسمائة حمل من متاع المغرب وما عونه وأسلحته، ومن نسج الصوف المحكّم ثيابا وأكسية وبرانس وعمائم، وأزرا معلمة وغير معلمة. ومن نسج الحرير الفائق المعلم بالذهب ملوّنا وغير ملوّن، وساذجا ومنمّقا.

ومن الدّرق المجلوبة من بلاد الصحراء المحكمة بالدباغ المتعارف، وتنسب إلى اللمط.

ومن خرثيّ المغرب وما عونه وما يستظرف صناعته بالمشرق، حتى لقد كان فيها مكيل من حصى الجوهر والياقوت. واعتزمت حظية من حظايا أبيه على الحج في ركابه ذلك، فأذن لها واستبلغ في تكريمها. واستوصى بها وافده وسلطان مصر في كتابه.

وفصلوا من تلمسان سنة [٢] وأدّوا رسالتهم إلى الملك الناصر وهديتهم،


[١] وفي نسخة ثانية: وعريف الوزعة بدولته، وصاحب الباب عبّو بن قاسم المزوار.
[٢] بياض بالأصل ولم نستطع تحديد هذه السنة في المراجع التي بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>