للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عقد للمولى الفضل ابن مولانا السلطان أبي يحيى على مكان عمله ببونة، وملأ حقائبه جائزة وخلعا نفيسة وسرّحه، ثم ارتحل على أثرهم وأوعز حمّو بن يحيى مع الناجعة من أولاد أبي الليل، ولحقوا بالأمير أبي حفص بمباركة من ناحية قابس، فأوقعوا به وتردّى عن فرسه في حومة القتال هو ومولاه ظافر السنان القائم بدولته من المعلوجي، فتقبّض عليهما وسيقا إلى أبي حمّو فاعتقلهما إلى الليل، ثم ذبحهما وأنفذ برءوسهما إلى السلطان. ولحق الفلّ بقابس، فتقبّض عبد الملك بن مكي على أبي القاسم بن عتّو صاحب الأمير أبي حفص وشيخ الموحدين، وعلى صخر بن موسى شيخ بني سكين من سدويكش فيمن تقبّض عليه من ذلك الفلّ، وأشخصهم مقرنين في الأصفاد إلى السلطان. وسرّح السلطان عساكره إلى تونس، وعقد عليهم ليحيى بن سليمان صهره من بني عسكر على ابنته، وأنفذ معه أحمد بن مكي فاحتلوا بتونس، واستولوا عليها. وانطلق ابن مكي إلى مكان عمله من هنالك لما عقد له السلطان عليه وسرّحه إليه بعد أن خلع عليه وعلى حاشيته وحمّلهم. ونزل السلطان بناحية باجة، فوافاه هنالك البريد برأس الأمير أبي حفص. وعظم الفتح.

ثم ارتحل إلى تونس واحتلّ بها يوم الأربعاء الثامن لجمادى الآخرة من سنة ثمان.

وتلقّاه وفد تونس وملؤها من شيوخ الشورى وأرباب الفتيا، فآتوا طاعتهم وانقلبوا مسرورين بملكتهم. ثم عبّى يوم السبت إلى دخولها مواكبه، وصفّ جنوده سماطين من معسكره بسيجوم إلى باب البلد يناهز ثلاثة أميال أو أربعة. وركب بنو مرين إلى مراكزهم في جموعهم وتحت راياتهم. وركب السلطان من فسطاطه وراكبه من على يمينه وليّه عريف بن يحيى أمير زغبة، ويليه أبو محمد عبد الله بن تافراكين ومن على يساره الأمير أبو عبد الله محمد أخو مولانا السلطان أبي يحيى، ويليه الأمير أبو عبد الله ابن أخيه خالد، كانا معتقلين بقسنطينة مع ولدهما منذ خروج أخيه الأمير أبي فارس فأطلقهم السلطان أبو الحسن وصحبوه إلى تونس، فكانوا طرازا في ذلك الموكب فيمن لا يحصى من أعياص بني مرين وكبرائهم. وهدرت طبوله، وخفقت راياته، وكانت يومئذ مائة. وجاء والمواكب تجتمع عليه صفّا صفّا إلى أن وصل إلى البلد، وقد ماجت الأرض بالجيوش، وكان يوما لم ير مثله فيما عقلناه. ودخل السلطان إلى القصر وخلع على أبي محمد بن تافراكين كسوته وقرّب إليه فرسه بسرجه ولجامه.

وطعم الناس بين يديه وانتشروا. ودخل السلطان مع أبي محمد بن تافراكين إلى حجر

<<  <  ج: ص:  >  >>