للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أبي الهول بن حمزة أخيهم، فقتله صبرا بباب داره بالقصبة، فأسفهم بها.

ونزعوا الى السلطان أبي الحسن ورغّبوه في ملك إفريقية واستعدّوه إليها.

ولما تغلب السلطان على الوطن وكانت حاله في الاعتزاز على من في طاعته غير حال الموحدين وملكته للبدو غير ملكتهم، وحين رأى اعتزازهم على الدولة وكثرة ما أقطعتهم من الضواحي والأمصار، نكره وأدالهم من الأمصار التي أقطعهم الموحدون بأعطيات فرضها لهم في الديوان. واستكثر جبايتهم، فنقصهم الكثير منها وشكا إليه الرعيّة من البدو وما ينالونهم به من الظلامات والجور بفرض الاتاوة التي يسمونها الخفارة، فقبض أيديهم عنها وأوعز إلى الرعايا بمنعهم منها، فارتابوا لذلك، وفسدت نياتهم وثقلت وطأة الدولة عليهم فترصّدوا لها. وتسامع ذؤبانهم وبواديهم بذلك، فأغاروا على قياطين [١] بني مرين ومسالحهم بثغور إفريقية وفروجها، واستاقوا أموالهم، وكثر شاكيهم [٢] وأظلم الجو منهم بينهم وبين السلطان والدولة.

ووفد عليه بتونس بعد مرجعه من المهديّة وفد من مشيختهم، كان فيهم خالد بن حمزة مستحبة [٣] إلى إفريقية، وأخوه أحمد وخليفة بن عبد الله بن مسكين، وابن عمه خليفة بن بو زيد من أولاد القوس، فأنزلهم السلطان وأكرمهم.

ثم رفع إليه الأمير عبد الرحمن ابن السلطان أبي يحيى زكريا بن اللحياني كان في جملته، وكان من خبره أنه رجع من المشرق بعد مهلك أبيه بمصر كما قدّمناه سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة فدعا لنفسه بجهات طرابلس. وتابعه أعراب ذباب، وبايع له عبد الملك بن مكي صاحب قابس. ونهض معه إلى تونس في غيبة السلطان لتخريب تامزيزدكت كما ذكرناه، فملكها أياما وأحس بمرجع السلطان فأجفل عنها. ولحق عبد الواحد بن اللحياني إلى تلمسان، إلى أن دلف إليها السلطان أبو الحسن بعساكره، ففارقهم وخرج إليه، فأحلّه محل التّكرمة والمبرة واستقرّ في جملته إلى أن ملك تونس. ورفع إليه عند مقدم هذا الوفد أنّهم دسّوا إليه مع بعض حشمه، وطلبوه في الخروج معهم لينصّبوه للأمر بإفريقية وتبرّأ إلى السلطان من


[١] القيطون: المخدع، أعجمي، وقيل: بلغة أهل مصر وبربر: قال ابن بري: القيطون بيت في بيت (لسان العرب) .
[٢] وفي نسخة ثانية: كثر شكاتهم.
[٣] كذا في النسخة الباريسية ولا معنى لها هنا وفي نسخة ثانية: مستحثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>