للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زحف إليه بنو عبد الواد وسلطانهم فصدقوه الزحف، وثارت به الغوغاء، وكسروا أبواب البلد، وخرجوا إلى السلطان فأدخلوه القصر، واحتلّ به في جمادى من سنة تسع وأربعين وسبعمائة وتسابق الناس إلى مجلسه مثنى وفرادى، وبايعوه البيعة العامّة.

ثم تفقد ابن جرار، ثم أغرى به البحث، فعثر عليه ببعض زوايا القصر، واحتمل إلى المطبق فأودع به إلى أن سرّب إليه الماء فمات غريقا في هوته. وساهم السلطان أبو سعيد عثمان أخاه أبا ثابت الزعيم في سلطانه، وأشركه في أمره، وأردفه في ملكه، وجعل إليه أمر الحرب والضواحي والبدو كلها. واستوزر قريبه يحيى بن داود بن مكن، من ولد محمد بن يندوكس بن طاع الله، واستوسق ملكهم، وأوفدوا مشيختهم على الأمير أبي عنّان صاحب المغرب، وسلطان بني مرين، فعقدوا معه السلم والمهادنة، واشترطوا له عن أنفسهم دفاع السلطان إليه. وزحفوا إلى وهران من ثغور أعمالهم، ونازلوا بها أولياء السلطان وعساكره، وعاملها يومئذ عبد الله بن أجانا [١] من صنائع السلطان أبي الحسن إلى أن غلبوه عليها، واستنزلوه صلحا لأشهر من حصارها.

واستمسك أهل الجزائر بطاعة السلطان، واعتصموا بها، وعقد عليها لقائده محمد ابن يحيى بن العسكري [٢] من صنائع أبيه، بعثه إليهم من تونس بعد نكبة القيروان.

ونجم بالمدية علي [٣] بن يوسف بن زيّان بن محمد بن عبد القوي داعيا لنفسه، وطالبا سلطان سلفه، وامتنع عليه معقل ملكهم بجبل وانشريش لمكان ولد عمر بن عثمان وقومهم من بني تيغرين في رياسته، وانحاش إليه أولاد عزيز من بني توجين أهل ضاحية المدية فقاموا بأمره، واعصوصبوا عليه، وكانت بينه وبين أبناء عمر بن عثمان بوانشريش حرب سجال إلى أن هلك، وخلص أمر بني توجين لأبناء عمر بن عثمان، وهم على مذهبهم من طاعة السلطان وتمسّكهم بدعوته، وهو مقيم خلال هذا بتونس إلى أن أزمع الرحلة، واحتل بالجزائر كما نذكره إن شاء الله تعالى.


[١] وفي نسخة ثانية: عبّو بن جانا.
[٢] وفي نسخة ثانية: محمد بن يحيى العشري.
[٣] وفي نسخة ثانية: عدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>