للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له في الشكاية ويردهم إلى أصحاب المراتب والخطط بباب السلطان، وهم يعلمون أنه قد ضرب على أيديهم، فنقموا ذلك وسخطوا الدولة من أجله. ومرضت قلوب أهل الحل والعقد من تقدّمه: ونفس عليه الوزراء ما ثبت له عند السلطان من الحظ، فتربّصوا بالدولة، وشمل هذا الداء الخاصّة والعامة. وكان عمر بن عبد الله ابن علي لما هلك أبوه الوزير عبد الله بن علي في جمادى سنة ستين وسبعمائة عند استيلاء السلطان على ملكه، تحلبّت شفاه أهل الدولة على تراثه. وكان مثريا فاستجار منهم بابن مرزوق، وساهمه في تراث أبيه بعد أن حملوا السلطان على النيل منه، والإهانة له، فأجاره منهم. ورفع عند السلطان رتبته وحمله على الإصهار إليه في أخته، وقلّده السلطان أمانة البلد الجديد دار ملكه متى عنت له الرحلة عنها. وأصهر عمر إلى وزير الدولة مسعود بن ماسي تسكينا لروعته [١] واستخلاصا لمودّته، وسفر عن السلطان إلى صاحب تلمسان في شعبان من سنة اثنين وستين وسبعمائة ونمي عنه أنه داخل صاحب تلمسان في بعض المكر فهمّ بنكبته وقتله، ودافع عنه ابن مرزوق وخلص من عقابه، وطوى على البثّ وتربّص بالدولة. وأعيد إلى مكانه من الأمانة على دار الملك أوّل ذي القعدة مرجعه من تلمسان لما كان السلطان قد تحوّل عنها إلى القصبة بفاس، واختطّ إيوانا فخما لجلوسه بها، لضيق قصوره بها [٢] . فلما استولى عمر على دار الملك حدّثته نفسه بالتوثّب وسوّل له ذلك ما اطلع عليه من مرض القلوب والنكير على الدولة، لمكان ابن مرزوق من السلطان فداخل قائد الجند غريسة ابن انطول [٣] وتعدوا لذلك ليلة الثلاثاء السابع عشر من ذي القعدة سنة اثنين وستين وسبعمائة وخلصوا إلى تاشفين الموسوس ابن السلطان أبي الحسن بمكانه من البلد الجديد، فخلعوا عليه وألبسوه شارة الملك، وقرّبوا له مركبه وأخرجوه إلى أريكة السلطان فأقعدوه عليها. وأكرهوا شيخ الحامية والناشبة محمد بن الزرقاء على البيعة له، وجاهروا بالخلعان وقرعوا الطبول ودخلوا إلى مودع المال، ففرضوا العطاء من غير تقدير ولا حسبان، وماج أهل البلد الجديد من الجند بعضهم في بعض،


[١] وفي نسخة ثانية: لغربه.
[٢] وفي النسخة الجزائرية كلمتان زائدتان (متغنيا الابردين) وفي نسخة أخرى: لصق قصوره. وفي النسخة الباريسية الكلمتان غير واضحتين وهما محرفتان.
[٣] وفي نسخة ثانية: انطون.

<<  <  ج: ص:  >  >>