للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصارى، ومعتقل ابن ماسي بداره ضنا به عن الامتهان لمكان صهره. ولما كان يؤمّل منه من الاستظهار على أمره بعصابته من الأبناء والإخوة والقرابة، وكان غريسة بن أنطول صديقا لسليمان بن ونصار، فلما رجع عن السلطان ليلة انفضاضهم، نزل عليه وكان يعاقره الخمر، فأتاه سحرا وتفاوضا في اعتقال عمرو [١] وإقامة معتقله سليمان بن داود في الوزارة لما هو عليه من السنّ ورسوخ القدم في الأمر. ونمي إلى عمر الخبر، فارتاب وكان خلوا من العصابة ففزع إلى قائد المركب السلطاني من الرجل الأندلسيّين يومئذ إبراهيم البطروجي [٢] ، فباثّه أمره وبايعه على الاستماتة دونه. ثم استقل عصابتهم ففزع إلى يحيى بن رحّو شيخ بني مرين وصاحب شوراهم فشكا إليه، فأشكاه ووعده الفتك بابن أنطول وأصحابه. وانبرم عقد ابن أنطول وسليمان ابن ونصار على شأنهم وغدوا إلى القصر. وداخل ابن أنطول طائفة من النصارى للاستظهار بهم، ولمّا توافت بنو مرين بمجلس السلطان على عادتهم وطعموا، دعا عمر بن عبد الله القائد ابن أنطول بين يدي يحيى بن رحّو وقد أحضر البطروجي رجل الأندلسيّين، فسأله تحويل سليمان بن داود من داره إلى السجن فأبى وضنّ به عن الإهانة حتى سأل مثلها من ابن ماسي صاحبه، فأمر عمر بالتقبّض عليه، فكشّر في وجوه الرجال واخترط سكينه للمدافعة، فتواثبت بنو مرين وقتلوه لحينه.

واستلحموا من وجد بالدار من جند النصارى عند دخولهم [٣] ، وفرّوا إلى معسكرهم ويعرف بالملاح جوار البلد الجديد.

وأرجف الغوغاء بالمدينة أنّ ابن أنطول غدر بالوزير فقتل جند النصارى حيث وجدوا من سكك المدينة. وتزاحفوا إلى الملاح لاستلحام من به من الجند، وركب بنو مرين لحماية جندهم من معرّة الغوغاء، وانتهب يومئذ الكثير من أموالهم وآنيتهم وأمتعتهم.

وقتل النصارى كثيرا من المجّان كانوا يعاقرون الخمر بالملاح، واستبدّ عمر بالدار واعتقل سليمان بن ونصار إلى الليل. وبعث من قتله بمحبسه. وحول سليمان بن داود إلى بعض الدور بدار الملك واعتقله بها، واستولى على أمره ورجع في الشورى إلى


[١] وفي نسخة ثانية: فباثه شجوه وتفاوضا في اغتيال عمر.
[٢] وفي نسخة ثانية: البطروحي.
[٣] وفي نسخة ثانية: بعد جولة. ابن خلدون م ٢٧ ج ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>