ثلاث وستين وسبعمائة وقتل له الطاغية عدوّه الرئيس المنتزي على ملكهم حين هرب من غرناطة إليه وفاء بعهد المخلوع، واستوى على كرسيّه واستقلّ بملكه، ولحق به كاتبه وكاتب أبيه محمد بن الخطيب واستخلصه وعقد له على وزارته، وفوّض إليه في القيام بملكه فاستولى عليه وملك هواه. وكانت عينه ممتدّة إلى المغرب وسكناه إلى أن نزلت به آفة في رياسته، فكان لذلك يقدم السوابق والوسائل عند ملوكه، وكان لأبناء السلطان أبي الحسن كلّهم غيرة على ولد عمّهم السلطان أبي عليّ ويخشونهم على أمرهم. ولمّا لحق الأمير عبد الرحمن بالأندلس اصطفاه ابن الخطيب واستخلصه لنجواه، ورفع في الدولة رتبته وأعلى منزلته، وحمل السلطان على أن عقد له على الغزاة والمجاهدين من زناتة مكان بني عمّه من الأعياص، فكانت له آثار في الاضطلاع بها، ولما استبدّ السلطان عبد العزيز بأمره واستقل بملكه، وكان ابن الخطيب ساعيا في مرضاته عند سلطانه، فدسّ إليه باعتقال عبد الرحمن بن أبي يفلوسن ووزيره المطارد به مسعود بن ماسي، وأدار ابن الخطيب في ذلك مكره وحمل السلطان عليهما إلى أن سطا بهما ابن الأحمر واعتقلهما سائر أيام السلطان عبد العزيز سلطان المغرب سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة لما قدّم من الوسائل ومهّد من السوابق فقدمه السلطان وأحلّه من مجلسه محل الاصطفاء والقرب. وخاطب ابن الأحمر في أهله وولده، فبعثهم إليه واستقرّ في جملة السلطان. ثم تأكدت العداوة بينه وبين ابن الأحمر فرغب السلطان في ملك الأندلس وحمله عليه وتواعدوا لذلك عند مرجعه من تلمسان إلى المغرب. ونمي ذلك إلى ابن الأحمر فبعث إلى السلطان بهديّة لم يسمع بمثلها، انتقى فيها من متاع الأندلس وماعونها وبغالها الفارهة ومعلوجي السبي وجواريه، وأوفد بها رسله يطلب إسلام وزيره ابن الخطيب إليه، فأبى السلطان من ذلك ونكره، ولمّا هلك واستبدّ الوزير ابن غازي بالأمر تحيّز إليه، ابن الخطيب وداخله وخاطبه ابن الأحمر فيه بمثل ما خاطب السلطان، فلم يؤب [١] واستنكف ذلك وأقبح الردّ، وانصرف رسله إليه، وقد رهب سطوته، فأطلق ابن الأحمر لحينه عبد الرحمن بن أبي يفلوسن وأركبه الأسطول وقذف به إلى ساحل بطوية ومعه الوزير مسعود بن ماسي ونهض إلى جبل الفتح فنازله بعساكره