للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرفائها ورؤساء الشورى بها مداخلة، فقاموا بدعوة السلطان موسى وأدخلوه وقبضوا على عاملها رحّو بن الزعيم المكدوني [١] وجاءوا به إلى السلطان فملكها غرّة صفر من سنة ست وثمانين وسبعمائة وسلّمها إلى ابن الأحمر، فدخلت في طاعته. وسار هو إلى فاس، فوصلها لأيام قريبة، وأحاط بدار الملك، واجتمع عليه الغوغاء، ونزل الدهش بمحمد بن الحسن فبادر بطاعته. ودخل السلطان إلى دار الملك، وقبض عليه لوقته، وذلك في عشر ربيع الأوّل من السنة. وجاء الناس بطاعته من كل جانب، وبلغ الخبر إلى السلطان أبي العبّاس بمكانه من نواحي تلمسان بأنّ السلطان موسى قد نزل بسبتة، فجهّز عليّ بن منصور وترجمان الجند وجند النصارى ببابه مع طائفة منهم. وبعثهم حامية لدار الملك فانتهوا إلى تازى وبلغهم خبر فتحها فأقاموا هنالك. وأغذّ السلطان أبو العباس السير إلى فاس، فلقيهم خبر فتحها بتاوريرت، فتقدّم إلى ملوية وتردّد في رأيه بين المسير إلى سجلماسة مع العرب أو قصد المغرب. ثم استمرّ عزمه، ونزل بتازى وأقام فيها أربعا، وتقدّم إلى الركن، وأهل دولته خلال ذلك يخوضون في الانتقاض عليه تسلّلا إلى ابن عمّه السلطان موسى المتولي على فاس، ويوم أصبح من الركن أرجفوا به. ثم انتقضوا عليه طوائف قاصدين فاس، ورجع هو إلى تازى بعد أن انتهب معسكره وأضرمت النار في خيامه وخزائنه. ثم أصبح بتازى من ليلته فدخلها، وعاملها يومئذ الخيّر من موالي السلطان أبي الحسن.

وذهب محمد بن عثمان إلى وليّ الدولة ونزمار بن عريف وأمراء المغرب من المعقل. ولما دخل السلطان أبو العباس إلى تازى كتب إلى ابن عمّه السلطان موسى يذكره العهد بينهما، وقد كان السلطان ابن الأحمر عهد إليه أن يبعث به إليه إن ظفر به، فبادر السلطان موسى باستدعائه مع جماعة من وجوه بني عسكر، أهل تلك الناحية، وهم زكريا بن يحيى بن سليمان ومحمد بن داود بن أعراب [٢] ، ومعهم العبّاس بن عمر الوسناني فجاءوا به وأنزلوه بالزاوية بغدير الحمص بظاهر فاس، فقيّد هنالك ثم بعثه إلى الأندلس موكلا به مع عمر بن رحّو أخي الوزير مسعود بن ماسي. واستصحب ابنه أبا فارس وترك سائرهم بفاس وأجاز البحر من سبتة فأنزله السلطان ابن الأحمر بقلعة ملكه الحمراء، وفكّ قيوده ووكّل به، ووسّع له في الجراية فأقام هنالك


[١] وفي نسخة أخرى: المكدودي.
[٢] وفي النسخة المصرية: بن عراب.
ابن خلدون م ٣٠ ج ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>