للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذروة والغارب، حتى تمّ أمره وأنجز له السلطان بالنظر موعده. وبعث ابنه الأمير أبا فارس والوزير ابن علّال في العساكر صريخين له، وانتهوا إلى تازى. وبلغ الخبر إلى أبي حمّو فخرج من تلمسان في عساكره، واستألف أولياءه من عبيد الله. ونزل بالغيران من وراء جبل بني راشد المطلّ على تلمسان، وأقام هنالك متحصّنا بالجبل، وجاءت العيون إلى عساكر بني مرين بتازى بمكانه هو وأعرابه من الغيران، فأجمعوا غزوة. وسار الوزير علّال وأبو تاشفين وسلكوا القفر ودليلهم سليمان بن ناجي من الأحلاف. حتى صبّحوا أبا حمّو ومن معه من أحياء الجرّاح [١] في مكانهم بالغيران. فجاولوهم ساعة، ثم ولّوا منهزمين، وكبا بالسلطان أبي حمّو فرسه فسقط، وأدركه بعض أصحاب أبي تاشفين فقتلوه قعصا بالرماح، وجاءوا برأسه إلى ابنه أبي تاشفين والوزير ابن علّال، فبعثوا به إلى السلطان، وجيء بابنه عمير أسيرا، فهمّ أخوه أبو تاشفين بقتله، فمنعه بنو مرين أياما. ثم أمكنوه منه فقتله، ودخل تلمسان آخر إحدى وتسعين وسبعمائة وخيّم الوزير وعساكر بني مرين بظاهر البلد، حتى دفع إليهم ما شارطهم عليه من المال. ثم قفلوا إلى المغرب وأقام أبو تاشفين بتلمسان يقيم دعوة السلطان أبي العبّاس صاحب المغرب ويخطب له على منابر تلمسان وأعمالها، ويبعث إليه بالضريبة كل سنة، كما اشترط على نفسه. وكان أبو حمّو لما ملك تلمسان ولّى ابنه أبا زيّان على الجزائر، فلمّا بلغه مقتل أبيه امتعض ولحق بأحياء حصين ناجيا وصريخا. وجاءه وفد بني عامر من زغبة يدعونه للملك.

فسار إليهم. وقام بدعوته شيخهم المسعود بن صغير، ونهضوا جميعا إلى تلمسان في رجب سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فحاصرها أياما. ثم سرّب أبو تاشفين المال في العرب فافترقوا عن أبي زيّان، وخرج إليه أبو تاشفين فهزمه في شعبان من السنة.

ولحق بالصحراء واستألف أحياء المعقل، وعاود حصار تلمسان في شوّال. وبعث أبو تاشفين ابنه صريخا إلى المغرب، فجاءه بمدد من العساكر. ولما انتهى إلى تاوريرت، أفرج أبو زيّان عن تلمسان وأجفل إلى الصحراء. ثم أجمع رأيه على الوفادة إلى صاحب المغرب، فوفد عليه صريخا فتلقّاه وبرّ مقدمه ووعده النصر من عدوّه. وأقام هنالك إلى حين مهلك أبي تاشفين، والله أعلم.


[١] وفي نسخة ثانية: الخراج.

<<  <  ج: ص:  >  >>