للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى غرناطة سنة أربع عشرة وسبعمائة فلما استولى عليها عقد لعثمان هذا على إمارة الغزاة المجاهدين من زناتة، وصرف عنها عثمان بن عبد الحق: بن عثمان، فلحق بوادي آش مع أبي الجيوش. وصار حمّو بن عبد الحق بن رحّو في جملته بعد أن كان شيخا على الغزاة كما قلناه. واستمرّت أيام ولاية عثمان هذا، وبعد فيها صيته، وغصّ صاحب المغرب أبو سعيد بمكانه، ولما استصرخه المسلمون للجهاد سنة ثمان عشرة وسبعمائة اعتذر بمكان عثمان هذا، واشترط عليهم القبض عليه حتى يرجع عنهم فلم يكن ذلك، ونازل الطاغية غرناطة وحاصرها، وكان لعثمان وبنيه في ذلك آثار مذكورة.

وأتاح الله للمسلمين في النصرانية على يد عثمان هذا وبنيه ما لم يخطر على قلب أحد منهم، فتأكّد اغتباط الدولة والمسلمين بمكانهم إلى أن هلك أبو الوليد سنة خمس وعشرين وسبعمائة، باغتيال بعض الرؤساء من قرابته بمداخلة عثمان هذا، زعموا في غدره، ونصّب للأمر ابنه محمد صبيا لم يبلغ الحلم. وأقام بأمره وزيره محمد بن المحروق من صنائع دولتهم، فاستبدّ عليه وألقى زمام الدولة بيد عثمان في النقض والإبرام، فاعتزّ عليهم وقاسمهم في الأمر، واستأثر في أعطيات الغزاة بكثير من أموال الجباية، حتى خشي الوزير على الدولة. وأدار الرأي في كبره [١] على التغلّب، فجمح وفسد ما بينه وبين الوزير ابن المحروق، فانتقض عليه وخرج مغاضبا، فاضطربت فساطيطه بمرج غرناطة. واعصوصب جماعة الغزاة من قبائل زناتة عليه، واعتصم الوزير وأهل الدولة بالحمراء وسعى الناس بينهما أياما، وأدار الوزير الرأي في أن ينصب له كفؤا من قرابته، يجاذبه الحبل ويشغله بشأنه عن الدولة، فجأجأ بيحيى بن عمر بن رحّو بن عبد الله بن عبد الحق وكان في جملة عثمان وأصهر إليه في ابنته. وعقد له على الغزاة وتسايلوا إليه. وبرز [٢] عثمان بمعسكره في عشيرة وولده، وعقد معه السلم في أن يجيز إلى المغرب. وأوفد بطانته على السلطان أبي سعيد سنة ثمان وعشرين وسبعمائة وارتحل من ساحة غرناطة في ألف فارس من ذويه وأقاربه وحشمه. وقصد تدرش [٣] ليجعلها فرضة لمجازه، حتى إذا حاذى تدرش [٤]


[١] وفي نسخة ثانية: في كبحه.
[٢] وفي نسخة ثانية: وتفرّد.
[٣] وفي نسخة ثانية: وقصد المرية.
[٤] وفي نسخة ثانية: اندوس وفي نسخة أخرى: اندوجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>