للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصرف يحيى بن عمر إلى وادي آش، وعقد له على الغزاة بها فأقام حينا، ثم رجع إلى مكانه بين قومه. واصطفاه عثمان بن أبي العلاء وابنه أبا ثابت لما كانت أمه بنت موسى بن رحّو، فكان يتعصّب لخؤولته فيهم ثم هلك عثمان وكان ما قدّمناه من شأن ولده وفتكهم بالسلطان المخلوع. وتقبّض أخوهم أبو الحجاج عليهم، وأشخصهم إلى إفريقية وقوّض مباني رياستهم. وعقد على الغزاة مكانهم ليحيى بن عمر هذا، فاضطلع بها أحسن اضطلاع. واستمرّت حاله وحضر مشاهد أبي الحجاج مع السلطان أبي الحسن، فظهرت كفايته وغناؤه. ولما هلك أبو الحجّاج سنة خمس وخمسين وسبعمائة طعينا بمصلّى العيد، في آخر سجدة من صلاته، بيد عبد من عبيد اصطبله مصاب في عقله، أغري زعموا به، وقتل لحينه هبرا بالسيوف. وبويع لابنه محمد، أخذ له البيعة على الناس يومئذ مولاه رضوان من معلوجاتهم، حاجب أبيه وعمّه. وقام بأمره واستبدّ عليه وحجره، فقاسم يحيى بن عمر هذا في شأنه وشاركه في أمره وشدّ أزر سلطانه به، حتى إذا ثار بالحمراء الرئيس ابن عمّهم محمد ابن إسماعيل بن محمد ابن الرئيس أبي سعيد قائما بدعوة إسماعيل بن أبي الحجاج أخي السلطان محمد كان ساكنا بالحمراء. وتحيّنوا لذلك مغيب السلطان في متنزهه بروضة خارج الحمراء، فخالفوه إليها وكبسوها ليلا فقتلوا الحاجب المستبد رضوان. وأجلس السلطان على سرير ملكه ونادوا بالناس إلى بيعته. ولما أصبح غدا عليهم يحيى بن عمر بعد أن يئسوا منه وخشوا عاديته، فأتاهم ببيعته وأعطى عليها صفقته وانصرف إلى منزله. وبعد استيلائهم استخلصوا إدريس بن عثمان بن أبي العلاء، كان وصل إليهم من دار الحرب بأرض برشلونة كما نذكر. وولّوه إمارة الغزاة وائتمروا في التقبّض على يحيى بن عمر. ونذر بذلك فركب في حاشيته يؤمّ دار الحرب من أرض الجلالقة، واتبعه إدريس فيمن إليه من قومه، فقاتلهم صدر نهاره وفضّ جموعهم. ثم خلص إلى تخوم النصرانية ولحق منها بسدّة ملك المغرب أثر سلطانه المخلوع محمد بن أبي الحجّاج، وخلّف ابنه أبا سعيد عثمان بدار الحرب. ونزل يومئذ على السلطان أبي سالم سنة إحدى وستين وسبعمائة فأكرم مثواه وأحله من مجلسه محل الشورى والمؤامرة، واستقرّ في جملته إلى أن بعث ملك قشتالة في السلطان المخلوع، بإشارة ابنه أبي سعيد وسعايته في ذلك، ليجلب به على أهل الأندلس بما نقضوا من عهده. وجهّزه السلطان أبو سالم سنة ثلاث وستين وسبعمائة فصحبه

<<  <  ج: ص:  >  >>