القائم بالدولة أبي بكر بن غازي كما قدّمناه، وامتعض ابن الأحمر للمسلمين من الفوضى، أطلق عبد الرحمن بن أبي يفلوسن ووزيره مسعود بن ماسي من الاعتقال وجهّز لهما الأسطول، فأجازوا فيه إلى المغرب ونزلوا بمرسى غساسة على بطوية داعيا لنفسه، فقاموا بأمره وكان من شأنه مع الوزير أبي بكر بن غازي ما قصصناه، واستقرّ آخرا بمراكش وتقاسم ممالك المغرب وأعماله مع السلطان أبي العبّاس أحمد ابن أبي سالم صاحب المغرب لهذا العهد. وصار التخم بينهما وادي ملويّة. ووقف كلّ واحد منهما عند حدّه، وأغفل صاحب الأندلس هذه الخطة من دولته ومحا رسمها من ملكه. وصار أمر الغزاة المجاهدين إليه، وباشر أحوالهم بنفسه، وعمّهم بنظره، وخصّ القرابة المرشّحين منهم بمزيد تكرمته وعنايته. والأمر على ذلك لهذا العهد، وهو سنة ثلاث وثمانين وسبعمائة والله مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء لا ربّ غيره ولا معبود سواه.