للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فملكها، ونقل الأمراء من بجاية وقسنطينة إلى المغرب. وأقطع لهم هنالك إلى أن كانت حادثة القيروان، وخلع السلطان أبو عنان أباه. وارتحل من تلمسان إلى فاس، فنقل معه هؤلاء الأمراء أهل بجاية وقسنطينة، وخلطهم بنفسه، وبالغ في تكرمتهم. ثم صرفهم إلى ثغورهم الأمير أبا عبد الله أولا، وإخوته من تلمسان، وأبا زيد وإخوته من فاس ليستبدّوا بثغورهم، ويخذلوا الناس عن السلطان أبي الحسن، فوصلوا إلى بلادهم وملكوها بعد أن كان الفضل ابن السلطان أبي بكر قد استولى عليها من يد بني مرين، فانتزعوها منه. واستقرّ أبو عبد الله ببجاية حتى إذا هلك السلطان أبو الحسن بجبال المصامدة، وزحف أبو عنان إلى تلمسان سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة فهزم ملوكها من بني عبد الواد وأبادهم، ونزل المدية وأطلّ على بجاية، وبادر الأمير أبو عبد الله للقائه، وشكا إليه ما يلقاه من زبون [١] الجند والعرب، وقلّة الجباية. وخرج له عن ثغر بجاية فملكها، وأنزل عمّاله بها، ونقل الأمير أبا عبد الله معه إلى المغرب، فلم يزل عنده في كفاية [٢] وكرامة. ولما قدمت على السلطان أبي عنان سنة خمس وخمسين وسبعمائة واستخلصني منه، نبضت عروق السابق بين سلفي وسلف الأمير أبي عبد الله، واستدعاني لصحابته، فأسرعت وكان السلطان أبو عنان شديد الغيرة من مثل ذلك. ثم كثر المنافسون ورفعوا إلى السلطان وقد طرقه مرض أرجف له الناس، فرفعوا له أنّ الأمير أبا عبد الله اعتزم على الفرار إلى بجاية، وأني عاقدته على ذلك، على أن يولّيني حجابته، فانبعث له السلطان وسطا بنا واعتقلني نحوا من سنتين إلى أن هلك. وجاء السلطان أبو سالم واستولى على المغرب، ووليت كتابة سرّه، ثم نهض إلى تلمسان وملكها من يد بني عبد الواد، وأخرج منها أبا حمّو موسى بن يوسف بن عبد الرحمن بن يغمراسن، ثم اعتزم على الرجوع إلى فاس، وولّى على تلمسان أبا زيّان محمد بن أبي سعيد عثمان ابن السلطان أبي تاشفين وأمدّه بالأموال والعساكر من أهل وطنه ليدافع أبا حمّو عن تلمسان ويكون خالصة له، وكان الأمير أبو عبد الله صاحب بجاية كما ذكرناه، والأمير أبو العبّاس صاحب قسنطينة بعد أن كان بنو مرين حاصروا أخاه أبا زيد بقسنطينة أعواما تباعا.


[١] زبون: بمعنى الحرب.
[٢] وفي نسخة ثانية: حفاية والحفاية المبالغة في الإكرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>