للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب إليّ يهنّئني بمولود، ويعاتب على تأخير الخبر بولادة عنه [١] :

هنيئا أبا الفضل الرضا وأبا زيد ... وأمّنت من بغي يخاف ومن كيد

بطالع يمن طال في السعد شأوه [٢] ... فما هو من عمره الرجال ولا زيد

وقيّد بشكر الله أنعمه التي ... أوابدها [٣] تأبى سوى الشكر من قيد

أهلا بدري المكاتب [٤] ، وصدري المراتب، وعتبى الزّمن [٥] العاتب [٦] وبكر المشتري والكاتب [٧] ، ومرحبا بالطالع، في أسعد المطالع، والثّاقب [٨] ، في أجلى المراقب، وسهلا بغنيّ البشير، وعزّة الأهل والعشير، وتاج الفخر الّذي يقصر عنه كسرى وأردشير [٩] ، الآن اعتضدت الحلّة الحضرمية [١٠] بالفارس، وأمن السّارح [١١] في حمى الحارس، وسعدت بالمنير الكبير، أفلاك التّدوير [١٢] ، من حلقات المدارس، وقرّت بالجنى الكريم عين الغارس، واحتقرت أنظار الآبلي وأبحاث ابن الدّارس،


[١] قدم لها ابن الخطيب في ريحانة الكتاب بقوله: ومن ذلك في مخاطبة صاحب قلم الإنشاء أبي زيد بن خلدون.
[٢] الشأو: الشوط والغاية.
[٣] جمع آبدة، وهي في الأصل البهيمة توحشت، ونفرت من الانس.
[٤] كوكب دري: ثاقب شديد الإنارة، عظيم المقدار.
[٥] أعتبه: أزال عتبة، والعتبى: اسم من الإعتاب. وفي المثل: «لك العتبى ولا أعود» . أي لك مني أن أرضيك، بقوله التائب المعتذر مجمع الأمثال ٢/ ١٠٢.
[٦] الزمن العاتب: الغاضب.
[٧] كان ابن الخطيب شغوفا بأن يوري في كتابته بمصطلحات العلوم، وهو هنا ناظر الى ما اصطلح عليه المنجمون من أن القمر إذا اتصل- وهو في البروج الصاعدة- بالمشتري، وهو كوكب سعد، وبالكاتب- وهو عطارد في عرف أهل المغرب- دل ذلك على أن المولود ذكر، وأن حظه من العلوم العقلية، والنقلية كبير.
[٨] الثاقب: المرتفع.
[٩] هو أردشير بن بابك، أول ملوك الدولة السلسانية (٢٢٦- ٢٤١ م) . وقد ورد في بعض النسخ، وتاريخ أبي الفداء: «أزدشير» بالزاي. وهو تصحيف قديم، فقد قال ابن حجر: «وسمعت من يذكره بالزاي» . تاج العروس ٢/ ٢٨٨، الطبري ٢/ ٥٦.
[١٠] الحلة: البيت، والجمع الحلال. والحضرمية نسبة الى حضرموت، حيث ينتهي نسب ابن خلدون.
[١١] السارح: الّذي يغدو عليك ويروح.
[١٢] فلك التدوير- لكل كوكب- هو فلك صغير لا يحيط بالأرض، وفيه يكون مسير الكوكب.

<<  <  ج: ص:  >  >>