للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحمر [١] إلى إطلاق عبد الرحمن بن أبي يفلوسن من ولد السلطان أبي علي، والوزير مسعود بن رحّو [٢] بن ماسي كان حبسهما أيام السلطان عبد العزيز وأشار بذلك ابن الخطيب حين كان في وزارتهما بالأندلس، فأطلقهما الآن وبعثهما لطلب الملك بالمغرب، وأجازهما في الأسطول إلى سواحل غساسة [٣] فنزلوا بها ولحقوا بقبائل بطوية هنالك، فاشتملوا عليهم، وقاموا بدعوة الأمير عبد الرحمن. ونهض ابن الأحمر من غرناطة في عساكر الأندلس فنزل على جبل الفتح فحاصره، وبلغت الأخبار بذلك إلى الوزير أبي بكر بن غازي القائم بدعوة بني مرين، فوجّه لحينه ابن عمه محمد بن عثمان بن الكاس إلى سبتة لإمداد الحامية الذين لهم بالجبل، ونهض هو في العساكر إلى بطوية لقتال الأمير عبد الرحمن، فوجده قد ملك ملك تازي، فأقام عليها يحاصره، وكان السلطان عبد العزيز قد جمع شبابا من بني أبيه المرشّحين، فحبسهم بطنجة. صاحبه على ما كان منه، واشتدّ عذل ابن الأحمر على إخلائهم الكرسيّ من كفئه، ونصبهم السعيد بن عبد العزيز صبيّا لم يثغر، فاستعتب له محمد، واستقال من ذلك، فحمله ابن الأحمر على أن يبايع لأحد الأبناء المحبوسين بطنجة، وقد كان الوزير أبو بكر أوصاه أيضا بأنه إن تضايق عليه الأمر من الأمير عبد الرحمن، يفرّج عنه بالبيعة لأحد أولئك الأبناء.

وكان محمد بن الكاس قد استوزره السلطان أبو سالم لابنه أحمد أيام ملكه، فبادر من وقته إلى طنجة وأخرج السلطان أحمد ابن السلطان أبي سالم من محبسه، وبايع له وسار به إلى سبتة، وكتب لابن الأحمر يعرّفه بذلك، ويطلب منه المدد على أن ينزل له عن جبل الفتح، فأمدّه بما شاء من المال والعسكر واستولى على جبل الفتح وشحنه بحاميته، وكان أحمد ابن السلطان أبي سالم قد تعاهد مع بني أبيه في محبسهم، على أنّ من صار له الملك إليه منهم، يجيز الباقين إلى الأندلس، فلما بويع له ذهب إلى الوفاء لهم بعهدهم، وأجازهم جميعا، فنزلوا على السلطان ابن الأحمر، فأكرم نزلهم ووفّر جراياتهم. وبلغ الخبر بذلك كلّه إلى الوزير أبي بكر بمكانه من حصار الأمير عبد الرحمن بتازى، فأخذه المقيم المقعد من فعلة ابن عمّه،


[١] وفي نسخة ثانية: للإجلاب على الأندلس، فبادر ابن الأحمر.
[٢] رحو في اللغة البربرية تعني تصغير عبد الرحمن.
[٣] غساسة تقع عند مصب وادي ملوية حيث تقطن قبائل بطوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>