للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مراتبهم. وبعث الجوباني إلى دمشق، والناصري إلى حلب كما كانا، وعادت الدولة إلى ما كانت عليه. وولّى سودون على نيابته، وكان ناظرا بالخانقاه التي كنت فيها، وكان ينقم عليّ أحوالا من معاصاته فيما يريد من الأحكام في القضاء أزمان كنت عليه، ومن تصرّفات دواداره بالخانقاه، وكان يستنيبه عليها، فوغر صدره من ذلك، وكان الظاهر ينقم علينا معشر الفقهاء فتاوى [١] استدعاها منّا منطاش، وأكرهنا على كتابها، فكتبناها، وورّينا فيها بما قدرنا عليه. ولم يقبل السلطان ذلك، وعتب عليه، وخصوصا عليّ، فصادف سودون منه إجابة في إخراج الخانقاه عنّي، فولّى فيها غيري وعزلني عنها. وكتبت إلى الجوباني بأبيات اعتذر عن ذلك ليطالعه بها، فتغافل عنها، وأعرض عني مدّة، ثم عاد إلى ما أعرف من رضاه وإحسانه، ونصّ الأبيات:

سيّدي والظنون فيك جميلة ... وأياديك بالأماني كفيلة

لا تحل عن جميل رأيك إنّي ... ما لي اليوم غير رأيك حيلة

واصطنعني كما اصطنعت بإسداء ... يد من شفاعة أو وسيلة

لا تضعني فلست منك مضيعا ... ذمّة الحبّ، والأيادي الجميلة

وأجرني فالخطب عضّ بنابيه ... وأجرى الى حماي خيوله


[١] في السلوك: «في ٢٥ قعدة، أحضرت نسخ الفتوى في الملك الظاهر، وزيد فيها: «واستعان على قتل المسلمين بالكفار، وحضر الخليفة المتوكل، وقضاة القضاة: بدر الدين محمد بن أبي البقاء الشافعيّ.
وابن خلدون، وسراج الدين عمر بن الملقن الشافعيّ، وعدة دون هؤلاء، في القصر الأبلق، بحضرة الملك المنصور، ومنطاش، وقدمت اليهم الفتوى، فكتبوا عليها بأجمعهم، وانصرفوا» .
وفي تاريخ ابن الفرات:
«وفي يوم الاثنين اجتمعت الأمراء بالقصر الأبلق بقلعة الجبل، بحضرة السلطان الملك المنصور وحاجي، والأمير منطاش، والخليفة محمد، والقضاة الأربعة، والشيخ سراج الدين البلقيني، وولى القاضي جلال الدين عبد الرحمن قاضي العسكر، وقاضي القضاة بدر الدين بن أبي البقاء الشافعيّ، وقضاة العسكر، ومفتون (كذا) دار العدل، وكتبت فتاوى تتضمن: هل يجوز قتال الملك الظاهر برقوق أم لا؟ وذكروا في الفتاوى أشياء تخالف الشرع الشريف، ومما تضمنته الفتاوى: انه يستعين على قتال المسلمين بالنصارى، فسألوهم (كذا) الجماعة عن ذلك، فقيل لهم ان الملك الظاهر معه جماعة من نصارى الشوبك نحو ٦٠٠ نفس يقاتل بهم في عسكره: ولم يكن الأمر كذلك، وانما أرادوا التلبيس على العلماء المفتين، فعند ذلك وضعوا (كذا) المذكورون خطوطهم على الفتاوى المذكورة بجواز قتاله، وانفصل المجلس على ذلك ونودي في بكرة هذا النهار في القاهرة لأجناد الحلقة: أن لا يتأخر أحد منهم عن العرض، ومن لم يحضر قطع خبزه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>