إلّا في إلحاق الفروع من مسائلها بالأصول لأنّ الجزئيّات الحادثة المتعاقبة لا تندرج تحت النّقل الكلّيّ بمجرّد وضعه فتحتاج إلى الإلحاق بوجه قياسيّ. إلّا أنّ هذا القياس يتفرّع عن الخبر بثبوت الحكم في الأصل وهو نقليّ فرجع هذا القياس إلى النّقل لتفرّعه عنه. وأصل هذه العلوم النّقلية كلّها هي الشّرعيّات من الكتاب والسّنّة الّتي هي مشروعة لنا من الله ورسوله وما يتعلّق بذلك من العلوم الّتي تهيّئوها للإفادة. ثمّ يستتبع ذلك علوم اللّسان العربيّ الّذي هو لسان الملّة وبه نزّل القرآن. وأصناف هذه العلوم النّقليّة كثيرة لأنّ المكلّف يجب عليه أن يعرف أحكام الله تعالى المفروضة عليه وعلى أبناء جنسه وهي مأخوذة من الكتاب والسّنّة بالنّصّ أو بالإجماع أو بالإلحاق فلا بدّ من النّظر بالكتاب ببيان ألفاظه أوّلا وهذا هو علم التّفسير ثمّ بإسناد نقله وروايته إلى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الّذي جاء به من عند الله واختلاف روايات القرّاء في قراءته وهذا هو علم القراءات ثمّ بإسناد السّنّة إلى صاحبها والكلام في الرّواة النّاقلين لها ومعرفة أحوالهم وعدالتهم ليقع الوثوق بأخبارهم بعلم [١] ما يجب العمل بمقتضاه من ذلك، وهذه هي علوم الحديث. ثمّ لا بدّ في استنباط هذه الأحكام من أصولها من وجه قانونيّ يفيد العلم بكيفيّة هذا الاستنباط وهذا هو أصول الفقه. وبعد هذا تحصل الثّمرة بمعرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلّفين وهذا هو الفقه. ثمّ إنّ التّكاليف منها بدنيّ، ومنها قلبي، وهو المختصّ بالإيمان وما يجب أن يعتقد ممّا لا يعتقد.
وهذه هي العقائد الإيمانيّة في الذّات والصّفات وأمور الحشر والنّعيم والعذاب والقدر. والحجاج عن هذه بالأدلّة العقليّة هو علم الكلام. ثمّ النّظر في القرآن والحديث لا بدّ أن تتقدّمه العلوم اللّسانيّة لأنّه متوقّف عليها وهي أصناف. فمنها علم اللّغة وعلم النّحو وعلم البيان وعلم الآداب حسبما نتكلّم عليها. وهذه العلوم النّقليّة كلّها مختصّة بالملّة الإسلاميّة وأهلها وإن كانت كلّ ملّة على الجملة لا بدّ